حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

قوله: (وجب مراعاة معناها)

صفحة 553 - الجزء 1

  والكوفيون. وقيل: يجوز بشرط اقترانها بـ «ما». قالوا ومن ورودها شرطاً {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}⁣[المائدة: ٦٤] {يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ}⁣[آل عمران: ٦]، {فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ}⁣[الروم: ٤٨]، وجوابها في ذلك كله محذوف لدلالةِ ما قَبْلَها، وهذا يُشْكِل على إطلاقهم أنَّ جوابها يجب مماثلته لشرطها.

  والثاني، وهو الغالب فيها أن تكون استفهاماً، إما حقيقيا نحو: «كيف زَيْدٌ» أو غيره، نحو: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ}⁣[البقرة: ٢٨] الآية، فإنه أُخرج مُخْرَجَ التعجب.

  وتقع خبراً قبل ما لا يستغني، نحو: «كيف أنْتَ» و «كيف كُنْتَ» ومنه «كيف


  (وقيل يجوز بشرط اقترانها الخ) أي: وعلى هذا مشى صاحب الأجرومية حيث قال وكيفما. قوله: (لدلالة ما قبلها) أي: كيف يشاء ينفق كيف يشاء يصوركم. قوله: (وهذا) أي: مخالفة جوابها لشرطها قوله (وهذا يشكل) أجاب بعض بأنه يمكن أن يقدر الجواب موافقاً للشرط بأن يقدر الجواب فعل مشيئة متعلقة بالفعل السابق وهو دال عليه؛ لأن الفعل الاختياري يستلزم المشيئة والأصل كيف يشاء أمراً يشاء التصوير في الأرحام كيف يشاء أمراً يشاء الإنفاق كيف يشاء أمراً يشاء بسطه غاية الأمر أن متعلق الفعلين مختلف وهذا جواب بعيد لأنهم قالوا لدلالة ما قبلها لأن المتبادر أنه دال على نفس الجواب وعلى دفع الإشكال فيكون ما قبلها دالاً على متعلق جوابها لا على نفس جوابها وقد علمت دفع هذا بأن الفعل الاختياري وهو الفعل الواقع قبلها يستلزم المشيئة وهو الجواب المحذوف. قوله: (على إطلاقهم الخ) أي: فظاهر كلامهم وجوب مماثلة الجواب للشرط سواء ذكر الجواب أو حذف. قوله: (على إطلاقهم) عبر بإطلاقهم لأنهم لو قيدوا ذلك بالجواب المذكور دون المحذوف لم يرد. قوله: (مماثلته لشرطها) أي: فإن ظاهره وجوب المماثلة بينهما مطلقاً كان الجواب مذكوراً ومحذوفاً. قوله: (كيف زيد) هذا استفهام حقيقة أي على أي حالة فكيف اسم استفهام خبر مقدم مبني على الفتح في محل رفع وزيد مبتدأ قوله: (وغيره) أي: أو غير حقيقي بأن يكون هذا الاستفهام بمعنى التعجب أو يكون للإنكار أو التوبيخ قوله: (كيف تكفرون) هذا لا يصح أن يكون استفهاماً حقيقياً لأنه من الله وهو علام الغيوب فالمناسب حمله على التعجب أي التعجيب أي تعجبوا من عدم إيمانهم ومن كفرهم، وربما صاحب الاستفهام الذي للتعجب التوبيخ أيضاً كما في قول البوصيري:

  كيف ترقى رقيك الأنبياء

  أي: أتعجب ذلك من وهو لا يقع أي لا ينبغي أن يقال إنهم رقوا مثل رقيه. قوله: (فإنه أخرج الخ) أي: إنما كان في الآية غير حقيقي لأنه أخرج مخرج للتعجب أي يتعجب من حالكم وليس الاستفهام حقيقياً لأنه لا يكون من الله. قوله: (مخرج التعجب) أي: وإنه إنكار توبيخ قوله: (وتقع) أي: الاستفهامية خبراً قبل ما لا يتسغني أي قبل اسم لا