حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

قوله: (وجب مراعاة معناها)

صفحة 555 - الجزء 1

  وأما {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ}⁣[التوبة: ٨] فالمعنى: كيف يكون لهم عهد وحالهم كذا وكذا، فـ «كيف»: حالٌ مِنْ «عهد»، إما على أنَّ «يكون» تامة أو ناقصة وقلنا بدلالتها على الحدث، وجملة الشرط حال من ضمير الجمع.

  وعن سيبويه أن «كيف» ظرف، وعن السيرافي والأخفش أنها اسم غير ظرف. وبنوا على هذا الخلاف أموراً:

  أحدها: أن موضعها عند سيبويه نصب دائماً وعندهما رفع مع المبتدأ، نصب مع غيره.

  الثاني: أن تقديرها عند سيبويه: في أي حال، أو على أي حال، وعندهما تقديرها في نحو «كيف زيد» أصحيح زيد، ونحوه، وفي نحو «كيف جاء زيد»: أراكباً جاء زيد، ونحوه.


  وأبعد عن تكلف تقرير جواب. قوله: (وأما كيف الخ) معادل أما محذوف أي أما كيف في الآيتين السابقتين فقد علمتها وأما كيف في كيف الخ.

  قوله: (وأما كيف الخ) لما كانت هذه الآية مشكلة لأنها لا يصح أن تكون شرطية لذكر الشرط بعدها فتعين أنها استفهامية ثم يتوقف فيها هل هي خبراً، وحال لأنها لم تتقدم على ما يستغني ولا على ما لا يستغني فأجاب بأننا نقدر ما يستغني بعدها فتكون كيف حالاً. قوله: (فالمعنى كيف يكون لهم عهد الخ) أي: أخذاً. من قوله تعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ}⁣[التوبة: ٧]. قوله: (وحالهم كذا) تفسير لقوله وإن يظهروا وأشار به إلى أن الواو حالية قوله: (وقلنا بدلالتها على الحدث) أي: لأن الحال قيد في عاملها وإنما يقيد الأحداث، وقوله: وقلنا أي وهو الراجح وعليه فلا يلزم تقديم الحال على عاملها المعنوي، وأما إن لم نقل بدلالتها على الحال فيلزم تقديم الحال على عاملها المعنوي ويحتمل أننا إنما نحتاج لقوله وقلنا الخ لئلا يلزم مجيء الحال من المبتدأ. قوله: (وجملة الشرط) وهي وإن يظهروا قوله: (ضمير الجمع) أي: المجرور باللام المقدر مع يكون في قوله لهم. قوله: (وعن سيبويه) هذا استئناف كلام. قوله: (إن كيف) أي: الاستفهامية أي فهي عنده دائماً منصوبة على الظرفية فلا تقع خبراً ولا حالاً ولا غير ذلك. قوله: (نصب دائماً) أي: لأن الظرف منصوب دائماً. قوله: (رفع الخ) أي: كما أن الاسم غير الظرف كذلك. قوله: (إن تقديرها) أي: في كل تركيب عند سيبويه في أي حال أي لأنها ظرف قوله: (أو على أي حال) ينبغي أن على بمعنى في إذ الظرف ما يضمن معنى في ولا خفاء أن الظرفية هنا مجازيه قوله: (زيد) مفعول تقديرها وكذا قوله أراكباً وإنما قدر الهمزة لأن كيف للاستفهام. قوله: (أصحيح زيد) أي: فتقدرها خاصة بحسب المقام من كون المقام السؤال عن الصحة أو المرض أو الركوب من كل ما يقتضيه المقام. قوله: (ونحوه) أي: مسافر أو محبوس.