حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

قوله: (وجب مراعاة معناها)

صفحة 556 - الجزء 1

  والثالث: أن الجواب المطابق عند سيبويه أن يقال: «على خير» ونحوه، ولهذا قال رؤبة - وقد قيل له: كيف أصبحت -: «خَيْرِ عافَاكَ اللهُ» أي على خير، فحذف الجار وأبقى عمله؛ فإن أجيب على المعنى دون اللفظ قيل: صحيح، أو سقيم. وعندهما على العكس، وقال ابن مالك ما معناه: لم يقل أحد إن «كيف» ظرف، إذ ليست زماناً ولا مكاناً، ولكنها لما كانت تُفسَّر بقولك: «على أي حال» لكونها سؤالاً عن الأحوال العامة سُميت ظرفاً، لأنها في تأويل الجار والمجرور، واسم الظرف يطلق عليها مجازاً اهـ.

  وهو حسن، ويؤيده الإجماع على أنه يقال في البدل: كيف أنت؟ أصحيح أم سقيم - بالرفع - ولا يبدل المرفوع من المنصوب.

  تنبيه: قوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ١٧}⁣[الغاشية: ١٧] لا تكون «كيف» بدلاً من الإبل، لأن دخول الجار على «كيف» شاذ، عَلَى أنه لم يسمع في


  قوله: (إن الجواب المطابق) أي: المطابق للفظ السؤال وذلك لأن السؤال عند سيبويه صريحاً عن الظرف وعندهما عن الخبر. قوله: (على خير) أي: في خير. قوله: (فإن أجيب على المعنى) أي: نظراً للمعنى أي المقام الذي يقتضي المقام السؤال عنه بخصوصه من صحة أو مرض أو سفر أو غير ذلك. قوله: (وعندهما على العكس) أي: عند السيرافي والأخفش بالعكس فالجواب المطابق للسؤال حال خاص والمطابق للمعنى حال عام؛ لأن كيف وضعت لمعنى عام وهو السؤال عن الحال لكن لا تستعمل إلا في جزء وهو السؤال عن الحال الذي يقتضي المقام السؤال عنه قوله: (على العكس) أي: لأن المسؤول عنه بكيف خاص والجواب عن الخاص المناسب فيه أن يكون خاصاً وهذا إذا أجيب بالنظر للفظ كيف الواقعة في ذلك التركيب، وإن أجيب بالنظر للمعنى الذي وضعت له كيف الذي هو معنى كلي كان الجواب عاماً. قوله: (على العكس) أي: من المناسب لكلام سيبويه.

  قوله: (إذ ليست زماناً ولا مكاناً) قد يقال إن كيف ليست زماناً ولا مكاناً حقيقة لكن قد يبالغ في حالة للشيء حتى كأنها مكان له ألا ترى إنك تقول فلان في حالة طيبة، وقال تعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٢١}⁣[الحاقة: ٢١] وفي ذلك ظرفية. قوله: (مجازاً) أي: لأن الظرف حقيقة اسم الزمان أو المكان المضمن معنى في بإطراد والجار والمجرور ليسا كذلك. قوله: (ويؤيده) أي: ما قاله ابن مالك قوله: (لأن دخول الجار الخ) أي: وإذا جعلت بدلاً لا بد من تسليط إلى عليها لأن العامل في المبدل منه عامل في البدل. قوله: (على أنه) أي: دخول الجار على كيف. قوله: (لم يسمع الخ) اعتراض بأنه سمع انظر إلى كيف يصنع كما حكاه قطرب وهذا مثبت مقدم على المصنف النافي، وقال الرضى إن كيف في