وللام الجارة اثنان وعشرون معنى
  وفيه نظر؛ لأن «عدواً» و «أكيلاً» - وإن كانا بمعنى «مُعادِ» و «مؤاكل» - لا ينصبان المفعول، لأنهما موضوعان للثبوت، وليسا مُجَارِيَيْنِ للفعل في التحرك والسكون، ولا مُحَوَّلان عما هو مُجاز له، لأن التحويل إنما هو ثابت في الصيغ التي يراد بها المبالغة، وإنما اللام في البيت للتعليل، وهي متعلقة بـ «التمسي»، وفي الآية متعلقة بمستقر محذوف صفة لـ «عدو»، وهي للاختصاص.
  وقد اجتمع التأخر والفرعية في: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ٧٨}[الأنبياء: ٧٨]، وأما
  فرفا وتأخر عن معموله قوله: (لا ينصبان المفعول لأنهما موضوعان للثبوت) فإن قلت لم لا يجوز أن يكون عدو وأكيل صفتين مشبتهين. قوله: (نصب المعمول على التشبيه بالمفعول) قلت أما في عدو لك فيمتنع لأن الصفة المشبهة لا يكون معمولها إلا سببياً، وأما في التمسي له أكيلاً فلأن المعمول غير سببي ولامتناع تقديم معمول الصفة عليها. قوله: (أنهما موضوعان للثبوت) أي: فهما صفة مشبهة وهي لا تنصب المفعول أصلاً فكيف يقال دخلت اللام على معمولها لأجل أن تقويها للتعدي إليه.
  قوله: (وليس مجاريين للفعل) أي: حتى يكونا أسماء فاعل أو مفعول وهذا علم من قوله موضوعان للثبوت. قوله: (ولا محولان) أي: ولا هما محولان فهو خبر لمحذوف والأنسب ولا محولين عطف على مجاريين، وقوله ولا محولان الخ فيه أنه يقال عدا يعدو فهو عاد وأكل يأكل فهو آكل وعادٍ وآكل مجاريان للمضارع في الحركات والسكنات، فيجوز أن يكون عدواً وأكيلاً محولين عما هو مجاز للفعل في التحرك والسكون وأن تحويلهما لأجل المبالغة ولا مانع من ذلك في الآية ولا في البيت بل هو ظاهر فيهما إذ المعنى إن هذا مبالغ في عداوتك وعداء زوجك التمس شخصاً مبالغاً في الأكل للزاد وهو أليق بمقصود الشاعر في التمدح بالكرم والبيت لحاتم الطائي يخاطب زوجته إن قلت جعل عدو محولاً عاد المجاري للمضارع لا يصح؛ لأن عاد من العداء لا من العداوة التي كلامنا فيها فهما ما فادن على أنه لو كان عدواً محولاً عن عاد للمبالغة لكان المعنى إن هذا مبالغ في العداء عليك كما هو مقتضي هذا التحويل وليس المعنى على هذا بل على إنه مبالغ في عداوتك وبغضك، وأجيب بأن العداء يستعمل بمعنى العداوة كما يفيده كلام الصحاح وحينئذ فصح ما قلناه من صحة تحويل عدو عن عاد المجاري للمضارع، فإن قلت أن البيت فيه مانع يمنع من المبالغة فإن قوله لست آكله وحدي يدل على أن مراده بالأكيل المشارك له في الأكل لا المبالغ فيه كيف والمبالغة في الأكل مذمومة عند العرب، وقد يقال المبالغة مقولة بالتشكيك فلا يلزم أن يراد المذمومة.
  قوله: (ولا محولان عما) أي: الاسم وقوله مجار له أي للفعل. قوله: (ولا محولان الخ) أي: حتى يكونا صيغتي مبالغة. قوله: (في الصيغ التي يراد بها المبالغة) أي: مؤكل ومعاد يقصد بهما المبالغة. قوله: (متعلقة بالتمسي) أي: التمسي لأجله أكيلاً يوانسني. قوله: (صفة لعدو) أي: عدو مختص بك فاللام بمعنى الياء. قوله: (شاهدين) أي: فهو