حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

مسألة - للام الابتداء الصدرية

صفحة 59 - الجزء 2

  باب «إن» لأنها فيه مُؤَخَّرَةٌ من تقديم، ولهذا تسمى اللام المُزَحْلِقة، والمزحلقة أيضاً، وذلك لأن أصل إنَّ» زيداً لقائم» «لإن زيداً قائم» فكرهوا افتتاح الكلام بتوكيدين، فأخرُوا اللام دون «إن» لئلا يتقدم معمولُ الحرف عليه، وإنما لم نَدَّع أن الأصل «إِنَّ لَزَيْداً قائم» لئلا يحول ما له الصدرُ بين العامل والمعمول، ولأنهم قد نطقوا باللام مقدمة على «إنْ» في نحو قوله [من الطويل]:

  ٣٧٨ - [ألا يَا سَنَا بَرْقِ عَلَى قُلَلِ الْحِمَى] ... لَهِنَّكَ مِنْ بَرْقِ عَلَيَّ كريم


  حكم الصدارة باقٍ وثابت لها فاندفع ما يقال إن هذا يعارضه ما يأتي في قوله ولاعتبارهم حكم صدريتها الخ تأمل. قوله: (المزحلفة) بالفاء أي لأنها زحلفت عن محلها وقوله والمزحلقة أيضاً بالقاف لأنها زحلقت عن محلها وهما بمعنى واحد أي دفعت عن محلها. قوله: (وذلك) أي: وبيان ذلك قوله: (لئلا يتقدم معمول الخ) أي: لو أخرت إن وقيل لزيداً إن قائم لزم عليه تقديم معمول إن وهو اسمها على الحرف وهو إن وذلك ممنوع. قوله: (وإنما لم ندع الخ) أي: إنما لم ندع أن إن مقدمة على اللام بل جعلنا اللام مقدمة على إن وزحلقت. قوله: (لئلا يحول) أي: فلو جعلت إن مقدمة على اللام للزم أن اللام التي لها الصدر حائلة بين العامل وهو إن وبين المعمول وهو اسمها. قوله: (لئلا يحول) أي: مع أن الذي له الصدارة لا يقع بين العامل والمعمول. قوله: (ولأنهم قد نطقوا) أي: فهو دليل على إن اللام مقدمة. قوله: (في نحو قوله الخ) صدره:

  ألا ياسنا برق على قلل الحمى

  لهنك الخ وبعده:

  فهل من معير طرف عين خلية ... فإنسان عين العامري كليمُ

  والقلل جمع قلة وهي من كل شيء أعلاه كقلة الجبل وقلة الرأس. قوله: (لهنك) أصله لأنك فقلبت الهمزة هاء.


٣٧٨ - التخريج: البيت لمحمد بن سلمة في (لسان العرب ١٣/ ٣٩٣ (لهن)، ١٥/ ١٧٣ (قذى)؛ ولرجل من بني نمير في خزانة الأدب ١٠/ ٣٣٨، ٣٣٩ ٣٥١؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ١٤٤؛ وأمالي الزجاجي ص ٢٥٠؛ والجنى الداني ص ١٢٩؛ وجواهر الأدب ص ٨٣، ٣٣٣؛ والخصائص، ١/ ٣١٥، ٢/ ١٩٥؛ والدرر ٢/ ١٩١؛ ديوان المعاني ٢/ ١٩٢؛ ورصف المباني ص ٤٤، ١٢١، ٢٣٣؛ وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٣٧١، ٢/ ٥٥٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٠٢؛ وشرح المفصل ٨/ ٦٣، ٩/ ٢٥، ١٠/ ٤٢؛ ولسان العرب ١٣/ ٣١ (أنن)؛ ومجالس ثعلب ١/ ١١٣، ٢/ ٤١٣؛ والمقرب ١/ ١٠٧؛ والممتع في التصريف ١/ ٣٩٨؛ وهمع الهوامع ١/ ١٤١).

اللغة السني والسنا: البريق. القلل: جمع قلة وهي أعلى الشيء. لهنّك: لإنّك.

المعنى: يا ضوء البرق الذي تلمع على مرتفعات القبيلة، إنّك عزيز عليّ، وكريم وذو مكانة لدي.