القسم الثاني: اللام الزائدة
  فعل من أفعال القلوب. ثم اختلف هؤلاء على قولين: أحدهما: أن معناه «يظنّ» لأن أصل «يدعو» معناه يُسَمِّي، فكأنه قال: يُسمّي مَنْ ضَرُّه أقربُ من نفعه إلها، ولا يصدر ذلك عن يقين اعتقاد، فكأنه قيل: يظنُّ، وعلى هذا القول فالمفعول الثاني محذوف كما قدّرنا؛ والثاني: أن معناه يزعم، لأن الزعم قول مع اعتقاد.
  ومن أمثلة اللام الزائدة قولُكَ: «لَئِن قامَ زَيدٌ أقم، أو فأنا أقوم»، أو «أنت ظالم لئن فعلت»، فكل ذلك خاص بالشعر، وسيأتي توجيهه والاستشهاد عليه.
  الثالث: لام الجواب، وهي ثلاثة أقسام: لام جواب «لو»، نحو: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا}[الفتح: ٢٥] {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]، ولام جواب «لولا»، نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}
  قوله: (إن معناه يظن) أي: أنه يضمن معنى يظن قوله: (لأن أصل معناه يسمى) أي: معنى يدعو تقول دعوته زيداً أي سميته زيداً قال تعالى أياً ما تدعوا أي تسموا. قوله: (ولا يصدر ذلك) أي: تسميته إلهاً عن يقين أي بل إنما يصدر عن ظن ما ليكون يدعو بمعنى يظن. قوله: (ولا يصدر ذلك عن يقين اعتقاد) أي: لأن العاقل لا يجزم بذلك بحسب الشأن. قوله: (فالمفعول الثاني محذوف) أي: وهو إلها وفيه أن أصل الموضوع لمن مبتدأ وقوله لبئس المولى خبر فيكون هو المفعول الثاني، والأولى أن يجعل هذا قولاً مستقلاً خارجاً عن هذه الأقوال كما في ابن الحاجب وعليه فمن مبتدأ وجملة أقرب من نفعه صلة والخبر محذوف أي الله ويظن معلقة عن العمل في لفظ الجملة وجملة القسم مستأنفة وهذا القول هو التحقيق.
  قوله: (والثاني أن معناه يزعم الخ) أي: يكون المفعول الأول من والمفعول الثاني بئس المولى والمعنى يزعم من ضره أقرب من نفعه بئس المولى، واعترض بأنه إن أراد في الآخرة فهو جزم لا زعم فالمناسب أن يقول يجزم، وإن أراد في الدنيا فهو لا يزعمه بئس المولى أي لا يعتقده بئس المولى بل نعم المولى هذا كله إن جعل المفعول الثاني بئس المولى كما هو المناسب لموضع الأقوال الأربعة، وإن جعل المفعول الثاني إلهاً أي يزعمه الهاء فيعترض عليه بأنه خارج على الموضوع من أن الخبر لبئس المولى فهو المفعول الثاني. قوله: (أقم) جواب الشرط واللام زائدة لأنها لو كانت جواب القسم لكان أقم جواب القسم للقاعدة وهو حذف جواب المتأخر من الشرط والقسم عند الاجتماع وأنت خبير بأن أقم لا يصلح جواباً للقسم فيتعين أن اللام زائدة قوله: (فأنا أقوم) قرنه بالفاء يدل على إنه جواب الشرط لا جواب القسم وإلا لحذف الفاء قوله: (وأنت ظالم الخ) أي: فاللام زائدة والمحذوف إنما هو جواب الشرط فقط أي ولو كانت اللام للقسم للزم حذف جواب الشرط وجواب القسم وفيه إجحاف فتعين أنها زائدة. قوله: (وسيأتي) أي: في القسم الرابع قوله (الثالث) أي: من أقسام اللام غير العاملة.