القسم الثاني: اللام الزائدة
  نافية، واختلف هؤلاء في منفيها على قولين:
  أحدهما: أنه شيء تقدّم، وهو ما حكي عنهم كثيراً من إنكار البَعْثِ، فقيل لهم: ليس الأمر كذلك، ثم استُؤْنِف القسم؛ قالوا: وإنما صح ذلك لأن القرآن كله كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة أخرى، نحو: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ٦}[الحجر: ٦] وجوابه: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ٢}[القلم: ٢].
  والثاني: أن منفيها «أقسم»، وذلك على أن يكون إخباراً لا إنشاء، واختاره الزمخشري، والمعنى في ذلك أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاماً له؛ بدليل: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦}[الواقعة: ٥ - ٧٦]، فكأنه قيل: إن إعظامه بالإقسام به كلا إعظام، أي: أنه يستحق إعظاماً فوق ذلك؛ وقيل: هي زائدة.
  واختلف هؤلاء في فائدتها على قولين:
  أحدهما: أنها زيدت توطئة وتمهيداً لنفي الجواب والتقدير: لا أقسم بيوم
  لقوله كما. قوله: (إنه شيء تقدم) أي: للردع والزجر فالوقف على لا حينئذ تام؛ لأن قوله أقسم ابتداء كلام قوله: (ليس الأمر كذلك) أي: من إنكار البعث مسلماً. قوله: (ثم استؤنف الخ) أي: وحينئذ فيصح الوقف على قوله لا قوله: (قالوا) أي: في الجواب عما يرد عليهم بأنه لم يتقدم ما ينفي.
  قوله: (وإنما صح ذلك) أي: كون منفيها شيئاً تقدم قوله: (وإنما صح ذلك) أي: رد ما حكي في غير هذه السورة قوله: (على أن يكون إخبار) أي: والمعنى أخبركم بأني لا أقسم بيوم القيامة أي: لا أعظم يوم القيامة وبالقسم، بل أعظمه بما هو أعظم من القسم. قوله: (لا إنشاء) أي: لا أقسم به قوله: (والمعنى في ذلك) أي: العلة فيه أي كونه إخبارا لإنشاء أن القسم يستلزم الإعظام فيكون المعنى في الآية لا أعظم يوم القيامة بالقسم، بل بأكثر من ذلك قوله: (والمعنى في ذلك أنه لا يقسم الخ) أي: أن القسم يستلزم التعظيم فلا يقسم بالشيء إلا إذا كان مراد تعظيمه بدليل قوله تعالى: فلا أقسم الخ، فإنه دليل على التعظيم. قوله: (أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاماً له) هذا حصر إضافي بل المقصود من الحلف تأكيد المحلوف عليه وهو يستلزم التعظيم قوله: (وإنه لقسم الخ) أي: ان القسم بمواقع النجوم له منزلة عظيمة دفعاً لما يتوهم أنه قسم ليس بعظيم. قوله: (فكأنه قيل الخ) أي: بإدخال حرف النفي. قوله: (أي أنه يستحق إعظاماً فوق ذلك) هو ظاهر في يوم القيامة، وأما في النفس اللوامة فمن حيث أنها توابة والله يحب التوابين، وإذا كانت النفس اللوامة عظيمة فأولى المطمئنة. قوله: (توطئة وتمهيداً لنفي الجواب) أي: للإشارة إلى أن الجواب منفي ومتى صرحت بفعل القسم فلا يحتاج للواو بخلاف ما إذا