القسم الثاني: اللام الزائدة
  القيامة لا يُتْرَكُونَ سُدّى، ومثله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}[النساء: ٦٥]، وقوله [من المتقارب]:
  ٤١٢ - فَلا وَأَبِيكِ ابْنَة العامري ... لا يَدَّعِي الْقَوْمُ أَنِّي أَفر
  ورد بقوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ١}[البلد: ١] الآيات؛ فإن جوابه مثبت وهو {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ٤}[البلد: ٤]، ومثله: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ٧٥} الآية [الواقعة: ٧٥]؛ والثاني: أنها زيدت لمجرد التوكيد وتقوية الكلام، كما في {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}[الحديد: ٢٩] ورُدَّ بأنها لا تزاد لذلك صَدْراً، بل حَشْواً، كما أن زيادة «ما» و «كان» كذلك، نحو: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ}[آل عمران: ١٥٩]، {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ}[النساء: ٧٨]، ونحو: «زيد كانَ فَاضِل»، وذلك لأن زيادةَ الشيء تُفيد اطراحَه، وكونه أول الكلام يفيد الاعتناء به، قالوا: ولهذا نقول بزيادتها في نحو: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}[المعارج: ٤٠]، {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ٧٥}[الواقعة: ٧٥]، لوقوعها بين الفاء ومعطوفها، بخلاف هذه، وأجاب أبو علي
  حذف فعل القسم فيؤتى بالواو قوله: (ورد بقوله تعالى) أي: رد هذا القول بأنها لتمهيد نفي الجواب، وحاصل الرد أن ذكر الجواب مثبتاً دليل على أنها ليست للتمهيد وقوله لذلك أي حشواً لا صدراً.
  قوله: (ورد بأنها لا تزاد لذلك) أي: رد بأن الباء زيدت صدراً في قوله: بحسبك درهم فلتقن لا على الباء لا على ما وكان والجواب أن لا أشبه بما وكان من الباء؛ لأن معمول الباء مفرد بخلاف لا وكان وما فإنها مختصة بالجمل فقياس لا على ما وكان أنسب. قوله: (وذلك) أي: وبيان زيادتها حشواً لا صدراً؛ لأن زيادتها صدر له يؤدي إلى التنافي وقوله قالوا، أي: الجماعة الذين ردوا القول الثاني. قوله: (إطراحه) أي: عدم الاعتناء به أي: بحيث يكون دخوله في الكلام وخروجه على حد سواء وبهذا اندفع ما يقال أنه ليس مطروحاً لإفادته معنى هو التوكيد قوله: (بخلاف هذه) أي: لا أقسم بيوم القيامة، فإنها في الابتداء والصدر قوله: (وأجاب الخ) أي: وحيث كان القرآن كالسورة فالواقع في صدر الكلام منه كأنه واقع حشواً لاتصال دليل الكلام بما قبله، ولا يخفى أن هذا لا يخرجها عن تصدرها في جملتها، وإن اقترنت بجملة قبلها.
٤١٢ - التخريج: البيت لامراء القيس في (ديوانه ص ١٥٤؛ وخزانة الأدب ١/ ٣٧٤، ١١/ ٢٢١، ٢٢٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٣٥؛ والشعر والشعراء ١/ ١٢٨؛ والصاحبي في فقه اللغة ٢٤٦؛ والمقاصد النحوية ١/ ٩٦؛ وبلا نسبة في المحتسب ٢/ ٢٧٣).
المعنى: أنا لست جباناً يا ابنة العامري، لا، وأقسم بأبيك بطلان ما يقوله بنو تميم كذباً من أنني أهرب من القتال.