حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القسم الثاني: اللام الزائدة

صفحة 106 - الجزء 2

  ورده الفارسي فقال: التوقع الذي في «العلّ» ينافيه الحكم بعدم إيمانهم، يعني في قراءة الكسر، وهذا نظير ما رجّح به الزَّجاج كون (لا) غير زائدة؛ وقد انتصروا لقول الخليل بأن قالوا: يؤيده أن {يُشْعِرُكُمْ} و {يدريكم} بمعنى.

  وكثيراً ما تأتي «لعل» بعد فعل الدراية نحو: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}⁣[عبس: ٣]، وأن في محصف أبي {وما أدراكم لعلها}. وقال قوم: «أنَّ» مؤكدة والكلام فيمن حكم بكفرهم وَيَئِسَ من إيمانهم، والآية عذر للمؤمنين أي: أنكم معذورون لأنكم لا تعلمون ما سبق لهم من القضاء من أنهم لا يؤمنون حينئذ، ونظيره: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ٩٦ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ}⁣[يونس: ٩٦، ٩٧]. وقيل: التقدير: لأنهم، واللام متعلقة بمحذوف أي لأنهم لا يؤمنون امتنعنا من الإتيان بها، ونظيره: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ}⁣[الإسراء: ٥٩]،


  أجمعوا عليه، أي: من كان بعد من قال بالزيادة أو المراد أجمعوا على إتيان أن بمعنى لعل، وإن لم يكن في الآية وفي كلام الشمني ما يفيد أن الإجماع لم يقع في كلام الزجاجي، وإنما في كلامه ترجيحه فقط. قوله: (ورده الفارسي الخ) قد يقال لا منافاة الجوار حمل الترجي على ما يظهر للمخاطبين، والحكم على ما في نفس الأمر على أن التوقيع في كلام الله يحمل على الجزم كما قالوه قوله: (وهذا نظير ما رجح به الزجاج) أي: بقوله فيما تقدم ورده الزجاج بأنها نافية في قراءة الكسر. قوله: (وهذا نظير الخ) أي: ما رد به الفارسي نظير ما رد به الزجاج فيما تقدم القول بأنها زائدة.

  قوله: (ما رجح به الزجاج الخ) المناسب ما رد به الزجاج كون لا زائدة وذلك أن المتقدم ورده الزجاج بأنها نافية الخ، أي: وليكون اتم شبهاً برد الفارسي من حيث أن كلا من الردين بقراءة الكسر، وإن كان رد الزجاج في لا ورد الفارسي في أن وأجاب شيخنا دردير بأن رد الزجاج المتقدم للزائدة يلزم ترجيح القول بأنها غير زائدة فقوله: ما رجع به أي: التزاماً. قوله: (مؤكدة) أي: لا بمعنى لعل كما سبق أي: أنها حرف توكيد لا حرف ترج. قوله: (ويئس من إيمانهم) وفي نسخة والسياق يأباه قوله: (والآية عذر للمؤمنين) أي: حيث طمعوا في إيمان الكفار إذا جاءتهم آية حين أقسم الكفار أنهم إذا جاءتهم آية يؤمنون فخاطبهم الله بقوله وما يشعركم الخ، أي: أنتم لا تطلعون على ما سبق في علم الله من عدم الإيمان فأنتم معذورون في تمني إيمانهم، ولو علمتم السابق في علمه لانتفى طمعكم في إيمانهم فالاستفهام بمعنى النفي وفي الحقيقة يرجع لإنكار الطمع. قوله: (ونظيره) أي: من حيث إفادة الحكم بعدم الإيمان عند مجيء الآية. قوله: (واللام) فهي لام العلة متعلقة بمحذوف أي: وهو امتنعنا وقدره مؤخراً للاختصاص أي: امتنعنا من الإتيان؛ لأنهم إذا جاءت لا يؤمنون. قوله: (ونظيره) أي: من حيث إفادة أن المنع من الإتيان علته عدم إيمانهم لموافقته تلك الآيات قوله: (إلا ان كذب بها الأولون) أي: ما