القسم الثاني: اللام الزائدة
  واختاره الفارسي.
  واعلم أن مفعول {يُشْعِرُكُمْ} الثاني - على هذا القول، وعلى القول بأنها بمعنى «لعلّ» - محذوف أي إيمانهم وعلى بقية الأقوال «أَنَّ» وصِلَتُهَا.
  الموضع الرابع: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ٩٥}[الأنبياء: ٩٥]، فقيل: «لا» زائدة والمعنى: ممتنع على أهل قرية قدرنا إهلاكهم أنهم يرجعون عن الكفر إلى قيام الساعة، وعلى هذا فـ «حرام» خبر مقدَّم وجوباً لأن المخبر عنه أن وصلتها؛ ومثله: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ}[يس: ٤١] «لا» مبتدأ، و «أن» وصلتها فاعل أغنى عن الخبر كما جوّزهُ أبو البقاء، لأنه ليس بوصف صريح، ولأنه لم يعتمد على نفي ولا استفهام وقيل: «لا» نافية، والإعرابُ إمَّا على ما تقدم، والمعنى ممتنع عليهم أنهم لا يرجعون إلى الآخرة، وإما على أن «حرام» مبتدأ حُذِفَ خبره؛ أي:
  منعنا من الإتيان بالآيات إلا تكذيب الأولين لها وعدم الإيمان بها، فالعلة في عدم الإتيان بالآيات عدم الإيمان. قوله: (واختاره الفارسي) أي: اختار هذا القول الأخير من أن التقدير؛ لأنهم لا يؤمنون امتنعنا من الإتيان بها. قوله: (وعلى القول بأنها بمعنى لعل محذوف) أي: كما أنه على قراءة الكسر كذلك. قوله: (وعلى بقية الأقوال) أي: سواء قيل بزيادة لا أو أنها نافية قوله: (ممتنع) أي: فقد استعير حرام الممتنع وقوله على أهل قرية إشارة إلى أن في الكلام مجازاً بالحذف وقوله: قدرنا إهلاكها أي: وليس المراد أهلكناها بالفعل؛ لأنه لا يتأتي أن يقال حينئذ يرجعون عما هم فيه أو لا يرجعون.
  قوله: (أنهم يرجعون عن الكفر) أشار بذلك إلى أن متعلق يرجعون محذوف أي: عمل هم عليه من الكفر، وحاصله أنه إذا سبق في علم الله لا بد من هلاك القرية الفلانية بسبب كفرهم يمتنع رجوعهم عن كفرهم الذي هلاكهم بسببه. قوله: (وجوباً) يحتمل أن الوجوب راجع للخيرية رداً على ما نقله بعد من الابتداء ويحتمل رجوعه للتقديم بدليل التعليل؛ لأنه لو لم يقدم الخبر لالتبس أن المؤكدة بالتي هي لغة في لعل كما يأتي في وقوع أن بعد لو. قوله: (لأن المخبر عنه أن وصلتها) أي: فلو تأخر الخبر عنها لالتبست أن المؤكدة بالتي هي لغة في لعل قوله: (ومثله وآية لهم) أي: مثله في كون المخبر عنه أن وصلتها والخبر مقدم عليهما وجوباً لما ذكر من العلة. قوله: (ولأنه لم يعتمد الخ) زيادة في الرد، أي: حرام لم يوجد فيه الشرطان المعتبر ان في المبتدأ الذي يغني مرفوعه عن الخبر وهما كونه وصفاً واعتماده على نفسه أو شبه. قوله: (أما على ما تقدم) أي: من أن حرام خير مقدم، وأن وصلتها مبتدأ مؤخر. قوله: (ممتنع عليه انهم لا يرجعون إلى الآخرة) أي: بل لا بد من رجوعهم ومعادهم؛ لأن ممتنع نفي ونفي النفي إثبات. قوله: (حذف خبره الخ) أي: والأصل حرام على قرية أهلكنا قبول أعمالهم والدليل على هذا