حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لو) على خسمة أوجه:

صفحة 118 - الجزء 2

  ٤١٥ - فَلَوْ كَانَ حَمْدٌ يُخْلِدُ النَّاسَ لَمْ تَمُتْ، ... وَلكِنَّ حَمْدَ النَّاسِ لَيْسَ بِمُخْلِدِ

  ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ}⁣[السجدة: ١٣]، أي: ولكن لم أشأ ذلك فحق القول مني، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ}⁣[الأنفال: ٤٣]، أي: فلم يُريكموهم كذلك، وقول الحماسي [من البسيط]:

  لَوْ كُنْتُ مِنْ مَازِنِ لَمْ تَسْتَبِحْ إِبِلي ... بَنُو اللَّقِيطَةِ مِنْ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَا

  ثم قال [من البسيط]:

  لكِنَّ قَوْمِي وَإِنْ كَانُوا ذَوِي عَدَدٍ ... لَيْسوا مِنَ الشر في شَيْءٍ وَإِنْ هانَا

  إذ المعنى: لكنني لستُ من مازن، بل من قوم لا في شيء من الشر، وإن هان، وإن كانوا ذوي عَدَد.

  فهذه المواضع ونحوها بمنزلة قوله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا}⁣[البقرة: ١٠٢]، {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ}⁣[الأنفال: ١٧]، {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ


  هو المؤصل. قوله: (قليل) فاعل كفاني ومفعول أطلب محذوف أي: الملك. قوله: (ولكن حمد الناس ليس بمخلد) هذه قضية سالبة فحقها دخول أداة السلب في موضوعها أي: لكن ليس حمد الناس بمخلد فقد دخل حرف الاستدراك على لفظ فعل الشرط المنفي قوله: (ولو أراكهم كثيراً لفشلتم) أي: ولكن الله لم يركهم كذلك، أي: كثيراً فنسلم فدخلت ولكن على فعل الشرط معنى باعتبار دخولها على المسبب، فقوله: أي: فلم الخ حل معنى، وقوله: فلم يريكموهم المناسب، فلم يركهم ليناسب ولو أراكهم؛ لأنه خطاب للنبي وأيضاً المناسب حذف الياء الجازم فيقول، فلم يركموهم وأجاب الشارح بأن رأى قد سمع فيها أن تجعل عينه مكان اللام فيقال راء يراء كضاء يضيء، فإذا دخل النفي صار لم يراء على وزن لم يضاء فتسكن الهمزة، ثم تقول وقعت الهمزة إثر كسرة فتقلب ياء كما في بئر فتقول بير وهنا كذلك فاصله، فلم يرتكموهم فقلبت الهمزة ياء وليس للجازم حذف الياء؛ لأنه سكن أو يقال إنه على لغة من يثبت حروف العلة مع الجازم أو أن الياء إشباع اهـ.

  قوله: (فهذه المواضع ونحوها بمنزلة الخ) أي: في وقوع الاستدراك بعد النفي فقط وفي وقوع الاستدراك على الفعل المتقدم. قوله: بمنزلة الخ) أي: في وقوع الاستدراك تصريحاً بما علم التزاماً على خلاف الأصل إذ الأصل في الاستدراك دفع ما يتوهم. قوله:


٤١٥ - التخريج البيت لزهير بن أبي سلمى في (ديوانه ص ٢٣٦؛ والدرر ٥/ ١٠١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٤٢؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ٢/ ٦٦).

المعنى: إن كثرة حمد الناس لشخص ما لا يخلده، ولو أبقى الحمد أحداً حيا لكنت أنت.