حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: لو المستعملة

صفحة 126 - الجزء 2

  تنبيهان - الأول - اشتهر بين الناس السؤال عن معنى الأثر المروي عن عُمر ¥، وقد وقع مثله في حديث رسول الله وفي كلام الصديق ¥، وقَلَّ من يتنبه لهما؛ فالأول قوله عليه الصلاة والسلامُ فِي بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ «إِنهَا لَوْ لم تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إنّها لابنة أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ»، فإِن حِلَّها له عليه الصلاة والسلام منتف عنه من جهتين: كونها ربيبته في حجره، وكونها ابنة أخيه من الرضاعة، كما أن معصية صهيب منتفية من جهتي المخافة والإجلال، والثاني قوله ¥ لما طول في صلاة الصبح وقيل له كادت الشمس تطلع «لوْ طَلَعَتْ مَا وَجَدَتْنَا غَافِلِين» لأن الواقع عدم غفلتهم وعدم طلوعها، وكل منهما يقتضي أنها لم تجدهم غافلين، أما الأول فواضح، وأما الثاني فلأنها إذا لم تطلع لم تجدهم ألبتة


  قوله: (عن معنى الأثر المروي) أي: وهو لو لم يخف الله لم يعصه. قوله: (وقد وقع) أي؛ والحال أنه قد وقع الخ. قوله: (وقل من يتنبه لهما) أي: فلم يشتهرا كما اشتهر الأثر. قوله: (فالأول) أي: المروي عن النبي قوله: (في بنت أبي سلمة) هي زينب بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي من الصحابيات روت عنه عليه الصلاة والسلام وخرج لها أصحاب الكتب الستة توفيت سنة أربع وسبعين من الهجرة وأمها أم سلمة هند بنت أبي أمية أم المؤمنين المخزومية وهي آخر أمهات المؤمنين موتاً ماتت في إمارة اليزيد بن معاوية وهي المخاطبة بهذا الحديث فإن النساء تكلمن بأن رسول الله يريد أن يتزوج ببنتها المذكورة فكلمته في ذلك، فقال لو لم تكن الحديث. قوله: (لو لم تكن) أي: انها إذا لم تكن ربيبتي لم تحل لي لأنها بنت أخي من الرضاع فكيف بها إذا كانت ربيبتي فلو هنا لتقرير الجواب مطلقاً وجد الشرط وهو عدم كونها ربيبته أو انتفى الشرط بأن كانت ربيبته لكن إن وجد الشرط فالعلة في الحرمة كونها بنت أخيه، وإن فقد فالعلة في الحرمة كونها بنت أخيه وربيبته فلو هنا من القسم الأول من النوع الثاني فهي هنا مثلها في لو لم يخف الله لم يعصه. قوله: (ربيبتي) أي: بنت زوجتي. قوله: (ما حلت لي) أي: إن عدم حلها متقرر سواءً كانت ربيبته أم لا لكن عدم الحل مع كونها ربيبته أولى. قوله: (انها) علة لقوله ما حلت لي قوله: (والثاني) أي: المروي عن أبي بكر ¥.

  قوله: (لو طلعت) أي: أنها على فرض لو طلعت ما وجدتنا غافلين لتلبسنا بالصلاة فكيف بها إذا لم تطلع فالقصد تقرير الجواب مطلقاً وهو عدم الغفلة سواء وجد الشرط وهو طلوعها أو انتفى بأن لم تطلع لكن تقريره عند انتفائه أولى ولا يصح أن تكون لو هنا حرف امتناع لامتناع؛ لأنه ينحل المعنى انتفى وجود الغفلة وثبتت الغفلة لانتفاء الطلوع وهو باطل. قوله: (أما الأول) أي: كون عدم الغفلة يقتضي عدم وجودها لهم غافلين. قوله: (وأما الثاني) أي: وهو كون عدم طلوعها يقتضي أنها لا تجدهم غافلين. قوله: (لا