حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لو) على خسمة أوجه:

صفحة 191 - الجزء 2

  وإما على العطف على اسم «ليت» المذكورة إن قدر ضمير المخاطب، فأما ضمير الشأن فلا يعطف عليه لو ذكر فكيف وهو محذوف، و «مرتو» على الوجهين مرفوع: إما لأنه خبر «ليت» المحذوفة، أو لأنه عطفٌ على خبر «ليت» المذكورة.

  وعن الثاني بأنه ضمّن مُرْتَو معنى «كاف»، لأن المرتوي يكف عن الشرب، كما جاء {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}⁣[النور: ٦٣] لأن يخالفون في معنى يَعْدِلُون ويَخْرُجون، وإن عَلَّقْته بـ «كفافاً» محذوفاً على وجه مَرَّ ذكره فلا إشكال.

  وعن الثالث أنه إما على حذف مضاف أي شارب الماء، وإما على جعل الماء مُرْتَوِياً مجازاً كما جعل صادياً في قوله [من الطويل]:

  ٤٨٠ - وَجُبْتُ هَجيراً يَتْرُكُ الْمَاءَ صَادِيا

  ويروى «الماء» بالنصب على تقدير «مِنْ» كما في قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا}⁣[الأعراف: ١٥٥] ففاعل «ارتوى» على هذا «مرتو»، كما تقول: ما شرب الماء شارب.


  قوله: (على الوجهين) أي: وجهي النصب وهما جعل شرك اسم ليت المحذوفة، أو عطف على اسم ليت المذكورة قوله: (عطف على خبر ليت المذكورة) أي: وهو جملة كان، ثم إن هذا لا يصح على أن اسمها ضمير الشأن؛ لأن المعطوف على الخبر خبر ولا يخبر عن ضمير الشأن إلا بجملة نعم يصح على انه ضمير المخاطبين ومعنى مرتو كاف أي: ليتك خيرك مكفوف عني وليتك شرك كاف له عني قوله: (يكف عن الشرب) بمعنى ينكف. قوله: (مر ذكره) هو كون شر مرفوعاً عطفاً على خيرك وخبره محذوف تقديره كفافاً. قوله: (كما جعل) أي: الماء وذلك ثابت في بعض النسخ. قوله: (وجبت) أي: قطعت وقوله: يترك الماء أي يجعله متروكاً فقد أسند الارتواء كما أسند الصديان للماء إسناداً مجازياً وقوله صادياً حال من الماء. قوله: (ويروى الماء) أي: في البيت المشكل السابقي. قوله: (واختار موسى قومه) أي من قومه وسماه بعضهم مفعولا فيه.


٤٨٠ - التخريج: الشطر بلا نسبة في (شرح شواهد المغني ٢/ ٧٠٠؛ وهو عجز بيت للمتنبي في ديوانه ٤/ ٤٢٦، وتمامه:

لَقِيتُ المَرورى والشناخيب دونَهُ ... وَجُبْتُ هَجيراً يَرك الماء صاديا

اللغة: المروري: جمع المروراة وهي الصحراء الواسعة. الشناخيب: جمع شنخوب وشنخاب وهي جزء من الجبل فيها حجارة ناتئة جبت قطعت الهجير: حرّ منتصف النهار. الصادي: العطشان.

المعنى: صادفت الأهوال من الصحارى الواسعات، والجبال الصعبة المرتقى، والحر الشديد الذي يجعل الماء يعطش، قبل أن ألقاه واضح أن الماء لا يعطش، بل الإنسان الذي يشرب الماء، ولكنها مبالغات أبي الطيب.