وأما أوجه الحرفية
  أنه مما لا يعقل، وأنه يستلزم أن يسمع كثيراً «أعجبني ما قمته» لأنه عندهما الأصل، وذلك غير مسموع، قيل: ولا ممكن، لأن «قام» غير متعد؛ وهذا خطأ بين، لأن الهاء المقدرة مفعول مطلق لا مفعول به. وقال ابن الشجري: أفسد النحويون تقدير الأخفش بقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠}[البقرة: ١٠] فقالوا: إن كان الضمير المحذوف للنبي #، أو للقرآن، صح المعنى وخَلَتِ الصلة عن عائد، أو للتكذيب فسد المعنى، لأنهم إذا كذبوا التكذيب بالقرآن أو النبي كانوا مؤمنين، اهـ.
  وهذا سهو منه ومنهم؛ لأن كذبوا ليس واقعاً على التكذيب، بل مؤكد به، لأنه
  وقعت فيه ما على ما لا يعقل يكون صحيحاً لجواز وقوعها على ما لا يعقل ويوجد مانع يمنع من صحة التركيب قوله: (أن نحو جلست ما جلس زيداً الخ) أي: وإذا كان هذا ممتنعاً فلا يصح قوله في الدليل إن ما موضوعة لما لا يعقل أي لكل ما لا يعقل إذ هي هنا واقعة على بعض ما لا يعقل والتركيب غير صحيح. قوله: (أعجبني ما قمته) أي: القيام الذي قمته وقوله لأنه أي ذكر العائد وقوله الأصل أي الكثير.
  قوله: (لأن قام غير متعد) أي: فلا يمكن أن يتصل به ضمير لئلا يكون متعدياً مع أنه لازم وقوله وهذا أي التعليل قوله: (لأن الهاء) أي: في ما قمته وقوله المقدرة أي في الكلام لأنهم إنما يقولون ما قمت فهي مقدرة بالنظر لكلامهم وإن صرح بها هنا. قوله: (مفعول مطلق) أي: لأنها عائدة على القيام فالمعنى أعجبني القيام الذي قمته. قوله: (لا مفعولاً به) أي: ولا يلزم أن يكون متعدياً إلا لو كانت مفعولاً به لأن المتعدي هو الناصب للمفعول به. قوله: (تقدير الأخفش) أي القائل إن ما المصدرية اسم واقعة على الحدث وإن يعجبني ما قمت تقديره ما قمته قوله: (بما كانوا يكذبون) أي: فهو يقول إنها مصدرية والتقدير بالذي كانوا يكذبونه وقوله إن كان الضمير أي في يكذبون وقوله من عائد أي يعود على ما قوله: (وخلت الصلة من عائد) أي: يعود على ما أي وحينئذ فلا يكون اسماً. ولاً كما يقول قوله: (وخلت الصلة من عائد) لأن المعنى ولهم عذاب أليم موصو بسبب التكذيب الذي يكذبون النبي أو القرآن قوله: (فسد المعنى) أي: لأن المعنى ولهم عذاب أليم بسبب تكذيبهم الذي كذبوا به التكذيب للقرآن أو النبي.
  قوله: (بالقرآن) الباء بمعنى اللام وقوله كانوا مؤمنين أي فلا يكون لهم عذاب أليم. قوله: (وهذا سهو منه) أي: من ابن الشجري حيث نقله وسلمه وقوله لأن كذبوا أي في قولنا كذبوا التكذيب، وقوله ليس واقعاً على التكذيب أي بحيث يكون مفعولاً به، وإنما التكذيب مفعول مطلق لكذبوا أي كذبوا النبي تكذيباً، وقوله بل مؤكداً به أي بل كذبوا مؤكد بالتكذيب لأنه مفعول مطلق مؤكد لعامله وحاصله إنا نختار الثاني ولا نسلم فساد المعنى لأن التكذيب ليس واقعاً عليه الفعل بل الفعل مؤكد به والمفعول الواقع عليه الفعل محذوف أي القرآن أو النبي قوله: (ومنهم) أي: النحاة قوله: (لأن كذبوا) أي: لأن