حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الوجه الثالث: أن تكون زائدة

صفحة 229 - الجزء 2

  فأما قول الْمَوَّار [من الطويل]:

  ٥٠٩ - صَدَدْتِ فأطْوَلْتِ الصُّدُودَ، وقَلَّما ... وِصال عَلَى طُولِ الصُّدودِ يَدُومُ

  فقال سيبويه: ضرورة، فقيل وجه الضرورة أن حقها أن يليها الفعلُ صريحاً والشاعر أولاها فعلاً مقدراً، وأن «وصال» مرتفع بـ «يدوم» محذوفاً مُفسراً بالمذكور؛ وقيل: وجهها أنه قدَّم الفاعل، ورده ابن السيد بأن البصريين لا يُجيزون تقديم الفاعل في شعر ولا نثر؛ وقيل: وجهها أنه أناب الجملة الاسمية عن الفعلية، كقوله [من الطويل]:

  [ونبئت ليلى أرسلت بشفاعةٍ ... إلى] فهلا نفس ليلى شفيعها


  جوزه الرضى وعليه فيأتي في هذا البيت التنازع قوله: (وقلما وصال) أدخل قلما على الاسم. قوله: (وقلما وصال الخ) قال المصنف في بعض تعاليقه المناسب وقلما وداد إذ مع الصدود لا وصال أصلاً ولك أن تقول المعنى التواصل الباطني وهو الوداد أو المراد قل وصال بعد الصدود قوله: (فقال سيبويه) أي: فقال سيبويه إن دخول قلما على الاسم في هذا البيت ضرورة قوله: (فقيل وجه الضرورة الخ) اعلم أن الذي قاله سيبويه في كتابه وقد يجوز تقديم الاسم المرفوع على رافعه في الشعر، قال صددت الخ فهذا تصريح بأن وجه الضرورة تقديم الاسم على رافعه فلم يبق بعد ذلك وجه للاختلاف في توجيه كلامه هل وجه الضرورة إيلاء قلما الفعل مقدراً أو إنابة الاسمية عن الفعلية ولم يبق وجه لرد ابن السيد القول بأن وجه الضرورة تقديم الفاعل بقوله إن البصريين لم يجوزوا تقديم الفاعل في شعر ولا نثر اهـ. دماميني.

  قوله: (أنه قدم الفاعل) وهو وصال أي على الفعل وهو يدوم. قوله: (فهلا نفس ليلى شفيعها) أي: فهلا أداة تحضيض لا تدخل إلا على الفعلية فأدخلها على الاسمية والأصل هلا تشفع نفس ليلى.


٥٠٩ - التخريج: البيت للمرار الفقعسي في (ديوانه ص ٤٨٠؛ والأزهية. ٩١؛ وخزانة الأدب ١٠/ ٢٢٦، ٢٢٧، ٢٢٩، ٢٣١؛ والدرر ٥/ ١٩٠؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٠٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧١٧؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١/ ١٤٥؛ والخصائص ١/ ١٤٣، ٢٥٧؛ والدرر ٦/ ٣٢١؛ وشرح المفصل، ٧/ ١١٦، ٨/ ١٣٢؛ ١٠/ ٧٦ والكتاب ١/ ٣١، ٣/ ١١٥؛ ولسان العرب ١١/ ٤١٢ (طول)، ٥٦٤ (قلل)؛ والمحتسب ١/ ٩٦؛ والمقتضب ١/ ٨٤؛ والممتع في التصريف ٢/ ٤٨٢؛ والمنصف ١/ ١٩١، ٢/ ٦٩؛ وهمع الهوامع ٢/ ٨٣، ٢٢٤).

اللغة: صددت: حرمت ودادك الصدود الهجران والإعراض الوصال: دوام المودة.

المعنى: لقد أعرضت عني وطال هجرانك لي، وقلما يدوم الوداد ويستمر الحبّ إذا ما طال الهجران والبعد بين الحبيبين.