حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وأما أوجه الحرفية

صفحة 230 - الجزء 2

  وزعم المبرّد أن «ما» زائدة، و «وصال»: فاعل لا مُبتدأ؛ وزعم بعضهم أن «ما» هذه الأفعال مصدرية لا كافة.

  والثاني: الكافة عن عمل النصب والرفع وهي المتَّصلة بـ «إنّ» وأخواتها، نحو: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ}⁣[النساء: ١٧١]، {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}⁣[الأنفال: ٦]، ونُسمّي المتلوة بفعل مُهَيِّئَةً؛ وزعم ابن دُرُسْتُوَيه وبعضُ الكوفيين أن «ما» مع هذه الحروف اسم مبهم بمنزلة ضمير الشأن في التفخيم والإبهام، وفي أن الجملة بعده مفسرة له، ومخبر بها عنه، ويردُّه أنها لا تصلح للابتداء بها، ولا لدخول ناسخ غير «إِنَّ» وأخواتها؛ ورده ابن الخباز في شرح الإيضاح بامتناع «إنما أَيْنَ زَيْدٌ» مع صحة تفسير ضمير الشأن بجملة الاستفهام، وهذا سهو منه؛ إذ لا يفسر ضمير الشأن بالجمل غير الخبرية اللهم إلا مع «أن» الْمُخَفَّفة من الثقيلة فإنه قد يُفسر بالدعاء، نحو: «أما أن جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً»، وقراءة


  قوله: (وزعم المبرد الخ) هذا راجع لأصل الكلام أعني قوله ولا تتصل إلا بثلاثة أفعال قوله: (مصدرية لا كافة) أي: وعليه فالمصدر المؤول من ما وصلتها فاعل لتلك الأفعال. قوله: (إنما الله إله) الله مبتدأ وإله خبر. قوله: (وتسمى المتلوة بفعل) أي: إن ما الكافة المتصلة بأن وأخواتها إذا تلاها فعل تسمى مهيئة لأنها هيأت الحرف للدخول على الفعل قوله: (اسم مبهم) أي: فإذا قلت إنما زيد قائم كان المعنى إن الشخص العظيم وهو زيد قائم فلا يقال ذلك إلا في مقام التفخيم. قوله: (ويرده) أي: يرد هذا القول القائل بإسمية ما الواقعة مع إن وأخواتها قوله: (لا تصلح للابتداء بها) أي: بخلاف ضمير الشأن فإنه يصح الابتداء به ولذا جعله اسماً للناسخ الداخل عليه، وحينئذ فلم صح يتم كونها بمنزلة ضمير الشأن قوله: (ولا لدخول ناسخ الخ) أي: ولو كانت كضمير الشأن لصلح دخول سائر النواسخ عليها كما تدخل على ضمير الشأن. قوله: (ورده ابن الخباز) أي: رد قول ابن درستويه باسمية ما الواقعة مع إن وأخواتها وهذا رد ثابت لذلك لا قول قوله: (إن ما أين زيد) إن حرف توكيد ونصب وما اسمها وأين خبر وزيد مبتدأ والجملة خبر إن هذا على قول ابن درستويه بإسمية ما الواقعة بعد إن وأخواتها، وأما على أن ما كافة فإن حرف توكيد ملغاة وما كافة لها وأين خبر مقدم وزيد مبتدأ مؤخر. قوله: (مع صحة تفسير ضمير الشأن بجملة الاستفهام) كأن يقال إنه أين زيد أي فلو كانت مثل ضمير الشأن لصح التركيب قوله: (وهذا سهو منه) أي: وحينئذ فلا يرد على القول المذكور بهذا الرد بل بالرد الأول فقط.

  قوله: (بالجمل غير الخبرية) أي: خلافاً لما يفيده كلامه أن من ضمير الشأن يجوز أن يفسر بخبرية وغيرها قوله: (اللهم إلا مع أن) أي: اللهم إلا لكون ضمير الشأن مصاحباً لأن المخففة فيجوز حينئذ تفسيره بجملة غير خبرية. قوله: (بالدعاء) أي: له أو عليه فالأول كما في المثال والثاني كما في الآية.