حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهذا فصل عقدته للتدريب في «ما»

صفحة 252 - الجزء 2

  وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا

  والثاني: أنهم لا يجمعون بين مَجازين، ولهذا لم يُجيزوا «دَخَلْتُ الأَمْرَ» لئلا يجمعوا بين حذف «في» وتعليق الدخول باسم المعنى، بخلاف «دخلت في الأمر» و «دخلت الدار». واستقبحوا «سِيرَ عليه طويل» لئلا يجمعوا بين جعل الحدث أو الزمان مسيراً وبين حذف الموصوف، بخلاف «سِيرَ عليه طويلاً» و «سير عليه سَيْرٌ طويل، أو زمن طويل».

  والثالث: أن تكون مصدريَّة، وهي وصلتها فاعل بـ «قليلا»، و «قليلا» حال معمول لمحذوف دلَّ عليه المعنى، أي: لعنهم الله فأَخّروا قليلاً إيمانهم، أجازه ابن الحاجب، ورجح معناه على غيره.

  وقوله تعالى: {وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ}⁣[يوسف: ٨٠] «ما» إما زائدة، فـ


  فيجوزون تقديمها على ما له الصدر ويعملون ما بعدها فيها.

  قوله: (وقد قال الخ) أي: ولكن التسهيل القليل مظهره في الشعر لا فيما نحن فيه النثر بل في فصيح الكلام فاندفع اعتراض الشارح بأن هذا لا يوافق مذهب المصنف من أن النافية لا يتقدم عليها الظرف في النثر فضلاً عن أفصح الكلام اهـ تقرير دردير. قوله: (عن فضلك) أي: فهو متعلق باستغنينا مع أنه واقع بعد ما النافية. قوله: (بين مجازين) مراده بالمجاز خلاف الأصل الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له ولا إسناد الشيء إلى غير ما هو له، وأما المجاز البياني فسائغ تعدده نحو أحيا الأرض شباب الزمان. قوله: (بين مجازين) أي: وقد جمعوا هنا حيث أخرجوا ما النافية عن الصدارة والثاني أنهم حذفوا الموصوف أو يقال المجاز إن هنا حذف الموصوف وتقديم معمول ما بعدما عليها. قوله: (باسم المعنى) أي: الأمر إذ الدخول إنما يكون في نحو دار أي شيء محسوس. قوله: (دخلت في الأمر) أي: فهذا إنما فيه مجاز واحد تعليق الدخول باسم المعنى. قوله: (ودخلت الدار) أي: ففيه مجاز حذف في قوله: (سير عليه طوله) أي: حيث حذفوا الموصوف الذي هو نائب الفاعل قوله: (الحدث أو الزمان مسيراً) هذا تنويع باعتبار الموصوف لأن التقدير سير طويل أو زمان طويل وجعله مسيراً باعتبار نيابته عن الفاعل فإنه يستلزم الإخبار عنه باسم المفعول وإنما كان هذا مجازاً لأن حقيقة المسير الذي وقع عليه السير.

  قوله: (بخلاف سير عليه طويلاً) أي: فهو إنما فيه مجاز واحد وهو حذف الموصول، وأما الثاني فهو لم يرد هنا لأن نائب الفاعل قوله عليه قوله: (وسير عليه سير طويل) أي: فإن فيه مجازاً واحداً من جهة جعل الحدث أو الزمان سيراً. قوله: (دل عليه المعنى) أي: لأنهم إذا لعنوا وأبعدوا عن رحمة الله صاروا مؤخرين. قوله: (قليلا) حال من الواو. قوله: (أما زائدة) أي: وحينئذ فالمعنى ألم تعلموا إن أباكم قد أخذ عليكم