وهذا فصل عقدته للتدريب في «ما»
  «من» متعلّقة بـ «فرطتم»، وإما مصدرية فقيل: موضعها هي وصلتها رفع بالابتداء، وخبرُه «مِنْ قَبْلُ»، ورُدَّ بأن الغايات لا تقع أخباراً ولا صلات ولا صفات ولا أحوالاً، نص على ذلك سيبويه وجماعة من المحققين؛ ويشكل عليهم {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ}[الروم: ٤٢]؛ وقيل: نصب عطفاً على «أنَّ» وصلتها، أي: ألم تعلموا أخذ أبيكم المَوْثِقَ وتفريطكم، ويلزم على هذا الإعراب الفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف وهو ممتنع؛ فإن قيل: قد جاء {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا}[يس: ٩]، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً}[البقرة: ٢٠١] قلنا: ليس هذا من ذلك كما توهم ابن مالك، بل المعطوف شيئان على شيئين.
  وقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ}[البقرة: ٢٣٦] «ما» ظرفية، وقيل: بدل من «النساء»، وهو بَعِيد. وتقول: «اصْنَعْ ما صَنَعْتُ» فـ «ما»
  موثقاً من الله والحال أنكم فرطتم في يوسف من قبل قوله: (وخبره من قبل) أي: والمعنى وتفريطكم في يوسف من قبل والجملة حال. قوله: (من قبل) أي: فمن قبل صلة للذين ورد بأن من قبل ظرف لغو متعلق بالمشركين والصلة جملة كان أكثرهم مشركين والأصل كيف كان عاقبة الذين كان أكثرهم مشركين من قبل. قوله: (ورد بأن الغايات) أي: الظروف المقطوعة عن الإضافة المبنية على الضم لحذف المضاف إليه كقبل وبعد والجهات الست لأنها تصير غاية وطرفاً للكلام بعد حذف المضاف إليه.
  قوله: (ويشكل عليهم) أي: سيبويه ومن معه القائلين بهذا القول. قوله: (وقيل نصب) مقابل لقوله هي وصلتها رفع ... قوله: (الفصل بين العاطف) أي: وهو الواو وقوله والمعطوف هو فرطتم وقوله بالظرف أي وهو من قبل قوله: (وهو ممتنع) لا نسلم أنه ممنوع بل هو جائز كما ذكره ابن مالك والمصنف في غير هذا الكتاب وتمسك بعضهم لجوازه بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء: ٥٨] وأجاب عنه المصنف في حواشي التسهيل بأن التقدير ويأمركم إذا حكمتم فهو عطف جمل قوله: (من خلفهم سداً) أي: فقد فصل بين سداً وسداً بالظروف أعني من خلفهم. قوله: (وفي الآخرة حسنة) أي: فقد فصل بين حسنة وحسنة بقوله وفي الآخرة. قوله: (ليس هذا من ذلك) أي: من الفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف. قوله: (شيآن) أي: فسداً عطف على ومن خلفهم عطف على من بين أيديهم وكذلك قوله وفي الآخرة عطف على الدنيا وحسنة عطف على حسنة، وإذا كانت الواو عطفت شيئين على شيئين فلم يكن هناك فصل بين العاطف والمعطوف أصلاً بل الواو داخلة على المعطوف. قوله: (ما ظرفية) أي: مدة عدم مسهن.
  قوله: (وقيل بدل) أي: والمعنى لا جناح عليكم إن طلقتكم النساء اللاتي لم تمسوهن فما موصولة. قوله: (وهو بعيد) أي: غير متبادر للذهن لأن ما لغير العاقل وعلى