· (من): تأتي على خمسة عشر وجها:
  «من» للبدل، فقالوا: التقدير في {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}[التوبة: ٣٨] أي: بدلاً منها؛ فالمُفيد للبدلية متعلّقها المحذوف، وأما هي فللابتداء، وكذا الباقي.
  السادس: مرادفة «عن»، نحو: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر: ٢٢]، {يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا}[الأنبياء: ٩٧]، وقيل: هي في هذه الآية للابتداء، لتفيد أن ما بعد ذلك من العذاب أشد، وكأنَّ هذا القائل يعلق معناها بـ «ويل»، مثل: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ٢٧}[ص: ٢٧]، ولا يصح كونه تعليقاً صناعياً للفضل بالخبر، وقيل: هي فيهما للابتداء، أو هي في الأول للتعليل، أي من أجل ذكر الله؛ لأنه إذا ذكر قَسَتْ قلوبهم.
  وزعم ابن مالك أنّ «من» في نحو: «زَيْدٌ أفضلُ مِن عمرو» للمجاوزة، وكأنه قيل: جاوز زيد عمراً في الفضل، قال: وهو أولى من قول سيبويه وغيره: إنها لابتداء الارتفاع في نحو: «أفضلُ منه»، وابتداء الانحطاط في نحو: «شَرٌّ منه» إذ لا يقعُ بعدها «إلى»، اهـ.
  (وانتصاب أفيلا على الحكاية) أي: أو إنه منصوب على أنه مفعول لفعل محذوف أي ويكتب للأمير أخذنا منه أفيلاً وعلى هذا يكون نائب الفاعل جملة وهو خلاف الكثير بل منعه بعض فالأحسن ما قاله المصنف. قوله: (أدى فلان أفيلا) أو إنه نصب على الحال من الضمير المستتر النائب عن الفاعل العائد على المأخوذ المفهوم من السياق. قوله: (من ذكر الله) أي: عن ذكر الله لأن القسوة تتعدى بعن لا بمن أي فويل للذين قست قلوبهم عن القرآن. قوله: (واقترب الخ) أي: وقرب اليوم الموعود به حقاً وهو يوم القيامة، فإذا هي أي القصة شاخصة أبصار الذين كفروا في ذلك اليوم قائلين يا ويلنا أي يا هلاكنا قد كنا في غفلة من هذا اليوم.
  قوله: (قد كنا في غفلة من هذا) أي: عن هذا لأن الغفلة تتعدى بعن لا بمن. قوله: (وقيل هي في هذه الآية للابتداء) أي: والمعنى يا ويلنا ويلاً نشأ من هذا، وقوله إن ما بعد ذلك أي من وهو المجرور أي ليفيد أن ما بعدها أشد في العذاب مما قبلها. قوله: (يعلق معناها بويل) أي: يربطها بويل من حيث المعنى لا من حيث الصناعة، والأولى إسقاط معنى قوله: (مثل فويل الخ) أي: فمن متعلقة بويل أي الويل من النار. قوله: (للفصل بالخبر) المراد الكلام الخبري أي قوله قد كنا في غفلة ولا شك أن هذه جملة خبرية. قوله: (وقيل هي فيهما للابتداء) فمعنى الأولى ويل للذين قست قلوبهم ناشيء ذلك الويل من ذكر الله وقد تقدم معنى الثانية قوله: (وابتداء الانحطاط) مراده به الشرية ولو أطلق الفضل أي الزيادة في أي معنى كان لصح. قوله: (إذ لا يقع بعدها) أي: في التركيب أي وشأن الابتدائية وقوع إلى بعدها وقوله إذ لا يقع الخ علة لقوله أولى وقد يقال إن كلام