حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النون المفردة

صفحة 296 - الجزء 2

  ٥٥٧ - دَامَنَّ سَعْدُكِ لَوْ رَحِمْتِ مُتَيَّماً، ... لَوْلَاكِ لَمْ يَكُ لِلصَّبَابَةِ جَانِحَا

  والذي سهله أنه بمعنى «أفْعَلْ»، وأمَّا المُضارع فإن كان حالاً لم يؤكد بهما، وإن كان مستقبلاً أكد بهما وجوباً في نحو قوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}⁣[الأنبياء: ٥٧]، وقريباً من الوجوب بعد «إِمَّا» في نحو: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ}⁣[الأنفال: ٥٨]، {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ}⁣[الأعراف: ٢٠٠]. وذكر ابن جني أنه قراء {فَإِمَّا تَرَيِنَّ}⁣[مريم: ٢٦] بياء ساكنة بعدها نون الرفع على حد قوله [من البسيط]:

  يَوْمَ الصَّلَيْفَاءِ لَمْ يُوفُونَ بِالجَارِ

  ففيها شذوذان: ترك نون التوكيد وإثبات نون الرفع مع الجازم، وجوازاً كثيراً بعد الطلب، نحو: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا}⁣[إبراهيم: ٤٢] وقليلاً في مواضع، كقولهم [من الطويل]:


  وأبدلنها أثر فتح ألفا. وقفا. قوله: (متيماً) المتيم هو الذي ولهه الحب وعبده لمحبوبه والصبابة رقة الشوق وحرارته وجانحاً مائلاً قوله: (بمعنى أفعل) أي: بمعنى الطلب لأنه دعاء والمعنى دم يا سعدها وقال الدماميني لو قال بمعنى ليفعل كان أولى لأن فاعل دام في البيت اسم ظاهر وهو سعدك ولا يرفعه أفعل فلا يحل دم هنا محله بخلاف ليدم، وقد يقال أراد بأفعل ما يدل عليه وهو الأمر لا خصوصية الصيغة فكأنه قال بمعنى الأمر فيصدق على مثل ليدم قوله: (فإن كان حالا) نحو قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}⁣[القيامة: ١] على قراءة بعض بالإثبات قوله: (في نحو قوله تعالى وتالله) المراد به كل فعل مضارع مثبت واقع جواباً للقسم ولم يفصل بينه وبين اللام فاصل فلو كان منفياً لم يجز توكيده نحو تالله تفتؤ إذ المعنى لا نفتؤ وقوله ولم يفصل احترازاً بما إذا فصل بينه وبين اللام فاصل فلا يجب التأكيد نحو {لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ١٥٨}⁣[آل عمران: ١٥٨]. قوله: (وقريباً من الوجوب) أراد بالقريب من الوجوب ما كثر استعماله بحيث لا يعثر على تركه إلا نادراً، ويريد بنحو إما تخافن أن يكون المضارع شرطاً لأن المؤكدة بما الزائدة. قوله: (ولا تحسبن الله الخ) أي: فهو طلب لوقوعه بعد لا الناهية قوله: (وقليلاً في مواضع كقولهم الخ) أي: من كل مضارع وقع بعد ما الزائدة الغير المؤكدة؛ لأن وغير الواقعة بعد رب ومثل ما الزائدة ما النافية، أما لو وقعت بعد إن الشرطية فهو قريب من الوجوب وبعد رب


٥٥٧ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الجني الداني ص ١٤٣؛ والدرر ٥/ ١٦١؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٩٥؛ وشرح شواهد المغني ص ٧٦٠؛ والمقاصد النحوية ١/ ١٢٠، ٤/ ٣٤١؛ وهمع الهوامع ٢/ ٧٨).

اللغة: دام: من الديمومة السعد: نقيض النحس، اليمن الصبابة: المحبة، جانحاً: مائلاً.

المعنى: لو أنك أيتها المحبوبة رحمت عاشقاً لك ورفقت به لدام خيرك، ولعشت بسرور وهناء لأنه لولاك لم ير المحب مائلاً للعشق والغرام.