حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النون المفردة

صفحة 298 - الجزء 2

  ونكرتها، ويقع في باب اسم الفعل بالسماع كـ «صه» و «مه» و «إيه»، وفي العَلَم المختوم بـ «وَيْهِ» بقياس، نحو: «جاءني سيبويه وسيبويه آخر».

  وأما تنوين «رجل» ونحوه من المُعْرَبات فتنوين تمكين لا تنوين تنكير، كما قد يتوهم بعض الطلبة، ولهذا لو سميت به رجلاً بقي ذلك التنوين بعينه مع زوال التنكير.

  (٣) وتَنْوين المُقَابَلة، وهو: اللاحق لنحو: «مسلمات» جُعِلَ في مقابلة النون في «مُسْلِمينَ»، وقيل: هو عِوَض عن الفتحة نصباً، ولو كان كذلك لم يوجد في الرفع والجر، ثم الفتحة قد عُوِّض عنها الكسرة فما هذا العوض الثاني؟

  وقيل: هو تنوين التمكين، ويرده ثبوته مع التّسمية به كـ «عرفات» كما تبقى نون «مُسْلِمينَ» مسمّى به، وتنوين التمكين لا يُجامع العلتين، ولهذا لو سُمي بـ «مسلمة» أو «عَرَفَة» زال تنوينُها وزَعم الزمخشري أن «عرفات» مصروف، لأن تاءه ليست


  معرفة، فإذا قلت صه بالسكون فالمعنى أسكت عن هذا الكلام بخصوصه، وأما لو قلت صه بالتنوين كان المعنى اكفف عن كل كلام لأنه حينئذ نكرة، وإذا قلت أية بالتنوين كان المعنى زدني من أي حديث كان وأيه بلا تنوين معناه زدني من حديث خاص. قوله: (كما يتوهم بعض الطلبة) نظراً لكون ذلك لامنون نكرة فالتنوين الذي فيه يكون للتنكير ورد ذلك بأن الذي للتنكير هو الدال على التنكير كما في صه وهذا بخلاف رجل، فإن التنكير حاصل بدون التنوين قال الرضى وأنا لا أرى تنافياً بين كون التنوين للتمكين، وكونه للتنكير وقد تدل الكلمة على معنيين فرجل تنوينه للتمكين والتنكير معاً وبعد العلمية يتمحض للتمكين. قوله: (مع زوال التنكير) لا يقال إن التنوين أولاً قبل العلمية كان للتنكير، والآن صار للتمكين لأن الأصل إبقاء ما كان على ما كان حتى يقوم الدليل على التغير. قوله: (جعل في مقابلة النون في مسلمين) أي: لأن جمع المؤنث فرع عن جمع المذكر، والأصل قد وجد فيه النون مستكملاً بها ولم توجد في جمع المؤنث الذي هو فرع بل وجد متكملاً بنفسه فقد وجدت في الفرع مزية عن أصله فعوض عنها التنوين لمعادلة الفرع لأصله. قوله: (ثم الفتحة) رد ثان قوله: (لا يجامع العلتين) أعني العلمية والتأنيث لأن تنوين التمكين إنما يكون في الأسماء المعربة المنصرفة الخالية عن العلتين. قوله: (لا يجامع العلتين) أي: المانعتين من الصرف فإن وجد التنوين معهما كان لغير التمكين. قوله: (ولهذا) أي: لكون تنوين التمكين لا يجامع العلتين. قوله: (لو سمي بمسلمة وعرفة) أي: ونحوهما من كل ما كان تنوينه للتمكين، وقوله زال الخ أي لوجود العلمية والتأنيث فهاتان العلتان مقتضيتان لعدم التنوين قوله: (وزعم الزمخشري أن عرفات مصروف) أي عند التسمية به، وحينئذ فتنوينه تنوين تمكين وإنما يزال عند العلمية لأنها لم توجد فيه العلتان لأن التاء ليست للتأنيث قوله: (أن عرفات) أي: مسمى به