· (نعم) بفتح العين،
  بلى قد هَدَيْتُكَ بمجيء الآيات، أي قد أرشدتك لذلك، مثل: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}[فصلت: ١٧].
  وقال سيبويه في باب النعت، في مناظرة جرت بينه وبين بعض النحويين: فيقال له: ألست تقول كذا وكذا، فإنه لا يجد بداً من أن يقول: نعم، فيقال له: أفلست تفعل كذا؟ فإنه قائل: «نعم»، فزعم ابن الطراوة أن ذلك لحن.
  وقال جماعة المتقدمين والمتأخرين من السلوبين: إذا كان قبل النفي استفهام فإن كان على حقيقته فجوابه كجواب النفي المجرَّد، وإن كان مُرَاداً به التقرير فالأكثر أن يجاب بما يجاب به النفي رَعْياً للفظه، ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب بما يجاب به الإيجاب رَعْياً لمعناه، ألا ترى أنه لا يجوز بعده دخول أحد، ولا الاستثناء المفرغ، لا يقال: أليس أحد في الدار ولا أليس في الدار إلا زيد، وعلى ذلك قول
  قوله: (أي قد أرشدتك) أي: فمعنى قوله بلى قد جاءتك آياتي بلى قد هديتك أي بلى قد أرشدتك وليس المراد بالهدية التوصيل كما هو أصل معانيها وإلا نافاه قوله بعد فكذبت بها الخ. قوله: (بذلك) أي: بمجيء الآيات. قوله: (وأما ثمود فهديناهم) فالمراد بالهداية الإرشاد لا التوصيل. قوله: (وقال سيبويه) القصد من ذكر كلام سيبويه المعارضة به لما سبق لأن حاصله أن نعم تقرر ما قبلها فإذا كان إثباتاً صيرته إثباتاً، وإن كان نفياً صيرته نفياً، وكلام سيبويه الذي حكاه يقتضي أن نعم بعد النفي تفيد الإيجاب. قوله: (فيقال) هذا مقول القول فقال فيقال القائل هو سيبويه، وقوله له أي لذلك الخصم المناظر، وقوله فإنه لا يجد أي ذلك الخصم مفراً من أن يقول نعم والحاصل أن سيبويه حكى واقعة حصلت له، وذكر فيها نعم بعد النفي وقصد منها الإثبات لأن قول الخصم نعم معناه قلته أن مقتضى ما أن معنى قوله نعم إني لست قلته.
  قوله: (أفلست تفعل) أي: تقول ذلك فهو بمعنى ما قبله. قوله: (فإنه قائل نعم) أي: فعله قوله: (فزعم ابن الطراوة أن ذلك لحن) أي: زعم أن قول سيبويه نعم في حكايته لحن منه وكان الأولى له أن يقول بلى بدل نعم، وقد شدد على ابن الطراوة في كلامه هذا قوله: (فإن كان على حقيقته) أي: فإن كان الاستفهام على حقيقته بأن كان الاستفهام عن النفي قوله: (فجوابه كجواب النفي) أي: فتدخله نعم وبلى لكن تدخله نعم لتقرير النفي وتدخله بلى لتكذيب النفي وإفادة الإثبات قوله: (وإن كان مراداً به التقرير) أي: التقرير لما بعد النفي أي حمل المخاطب على الإقرار بمدخول النفي فهو في الحقيقة إيجاب. قوله (فالأكثر أن يجاب بما يجاب به النفي) أي: وحينئذ فيجاب ببلى لا بنعم ليحصل الإقرار بما بعد النفي قوله: (أن يجاب بما يجاب به الإيجاب) أي: وحينئذ فيجاب بنعم لا يبلى قوله: (أنه لا يجوز بعده دخول أحد الخ) أي: ولو كان معناه نفياً لجاز دخول أحد والاستثناء المفرع بعده لأن أحداً والاستثناء المفرغ لا يقعان إلا بعد نفي.