من هذا النفي؛ وإنكار على مَنْ أوقع الشيء، ويختصَّان بالهمزة؛ وإنكار لوقوع الشيء، وهذا هو معنى النفي، وهو الذي تنفرد به «هَلْ» عن الهمزة.

  والعاشر: أنها تأتي بمعنى «قَدْ»، وذلك مع الفعل، وبذلك فَسَّرَ قولَه تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}⁣[الإنسان: ١] جماعة منهم ابن عباس ® والكسائي والفرّاء والمبرد قال في مقتضبه: «هل» للاستفهام، نحو: «هل جاء زيد»، وقد تكون بمنزلة «قد»، نحو قوله جل اسمه: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}⁣[الإنسان: ١] اهـ.

  وبالغ الزمخشري، فزعم أنها أبداً بمعنى «قد»، وأن الاستفهام إنما هو مُسْتَفَادٌ من همزة مُقَدَّرة معها ونقله في المفصل عن سيبويه فقال: وعند سيبويه أن «هَلْ» بمعنى قد إلا أنهم تركوا الألف قبلها؛ لأنها لا تقع إلا في الاستفهام، وقد جاء دخولها عليها في قوله [من البسيط]:

  ٥٧١ - سائِلْ فَوَارِسَ يَرْبُوعِ بِشَدّتنَا ... أَهَل رَأَوْنَا بِسَفْحِ الْقَاعِ ذِي الأَكَمِ

  كالإنكار على من ضرب أخاه أو أباه ويلزم من هذا ثبوت الفعل. قوله: (وإنكار) أي: نفي لوقوع الشيء أي نفي ذلك الشيء كما في هل جزاء الإحسان إلا الإحسان أي ما جزاء الإحسان شيء إلا الإحسان قوله: (أنها تأتى بمعنى قد) أي: بخلاف الهمزة فلا تأتي لذلك. قوله: (هل أتى على الإنسان) أي: قد أتى فلا يصح جعلها للاستفهام الحقيقي لأن الله تعالى عالم بكون الإنسان أتى عليه حين من الدهر كان فيه غير مذكور.

  قوله: (قال) أي: المبرد قوله: (أنها أبدأ) أي سواءً دخلت على فعل أو دخلت على اسم. قوله: (ونقله) أي: نقل الزمخشري كونها بمعنى قد دائماً، وحاصل كلامه أن هل بمعنى قد دائماً وأن الاستفهام إنما هو مستفاد من همزة مقدرة، وإنما حذفت تلك الهمزة لأن هل لا تدخل إلا على شيء مستفهم عنه فحينئذ تسومح في الهمزة وحذفت والقرينة عليها هل قوله: (لأنها) أي: هل لا تدخل إلا على شيء مستفهم عنه. قوله: (لأنها لا تقع إلا في الاستفهام) أي: في الكلام الذي فيه الاستفهام بهمزة لا بهل كما يتوهم. قوله: (سائل) أي: أسأل والباء في قوله بشدتنا بمعنى عن الشدة بالفتح الحملة

٥٧١ - التخريج: البيت لزيد الخيل في (ديوانه ص ١٥٥؛ والجنى الداني ص ٣٤٤؛ والدرر ٥/ ١٤٦؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٧٢؛ وشرح المفصل ٨/ ١٥٢؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٣٨٥؛ والأشباه والنظائر ٢/ ٤٢٧، ٧/ ٥٥؛ وتذكرة النحاة ص ٧٨؛ وجواهر الأدب ص ٢٨١؛ وخزانة الأدب ١١/ ٢٦١، ٢٦٣، ٢٦٦؛ والخصائص ٢/ ٤٦٣؛ ورصف المباني ص ٤٠٧؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٣٨٥؛ واللمع ص ٣١٧؛ والمقتضب ١/ ٤٤، ٣/ ٢٩١؛ وهمع الهوامع ٢/ ٧٧، ١٣٣).

اللغة: سائل: أمر بالمساءلة بمعنى اسأل يربوع: حي من اليمن. القاع: الأرض المنبسطة، =