حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا

صفحة 418 - الجزء 2

  السيئات جزاء سيئة بمثلها؛ فمثلها هنا في مقابلة الزيادة هناك، ونظيرها في المعنى قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٨٤}⁣[القصص: ٨٤]، وفي اللفظ قولهم «في الدَّارِ زَيْدٌ وَالْحُجْرَةِ عمْرو»، وذلك من العطف على معمولي عَامِلَيْنِ مختلفين عند الأخفش، وعلى إضمار الجاز عند سيبويه والمحققين؛ وممّا يُرجح هذا الوجه أن الظاهر أن الباء في {بِمِثْلِهَا} متعلقة بالجزاء، فإذا كان «جزاء سيئة» مبتدأ احتيج إلى تقدير الخبر، أي واقع، قاله أبو البقاء، أو لَهُمْ، قاله الحوفي وهو أحسن؛ لإغنائه عن تقدير رابط بين هذه الجملة ومبتدئها وهو {الَّذِينَ}؛ وعلى ما اختَرْنَاه يكون «جزاء» عطفاً على «الحسني»، فلا يحتاج إلى تقدير آخر؛ وأما قول أبي الحسن وابن كيسان إن {بِمِثْلِهَا} هو الخبر، وإن الباء زيدت في الخبر كما زيدت في المبتدأ في بِحَسْبِكَ دِرْهم» فمردود عند الجمهور،


  مقدم والحسنى مبتدأ وأحسنوا صلته.

  قوله: (ونظيرها) أي نظير هذه الآية بتمامها قوله: (إلا ما كانوا يعملون) كأنه قيل ومن جاء بالسيئة فله شر مثل عمله قوله: (وفي اللفظ) أي ونظير هذه الآية في اللفظ بناءً على هذا الظاهر من أن الواو عطفت شيئين على شيئين قوله: (وفي اللفظ الخ) هذا استطراد لأن الكلام في الاعتراض وعدمه أتى به ليبين أنه غاية ما يلزم على هذا الأظهر الذي اخترناه العطف على معمولي عاملين مختلفين وهو جائز عند الأخفش أو على تقدير اللام عند سيبويه قوله: (من العطف على معمولي عاملين) أي: لأن عطف على عمرو زيد والعامل فيه الابتداء والحجرة عطف على الدار والعامل فيه في، كذلك الآية فإن جزاء سيئة عطف على الحسنى والعامل فيه الابتداء والذين عطف على الذين والعامل فيه اللام. قوله: (عند الأخفش) متعلق بمحذوف أي وهو جائز عند الأخفش. قوله: (وعلى إضمار الجار) أي: اللام في الآية وفي المثال. قوله: (عند سيبويه والمحققين) أي: المانعين لذلك. قوله: (ومما يرجح هذا الوجه) أي: كون الذين ليس مبتدأ بل عطف على الذين السابق. قوله: (متعلقة بالجزاء) أي: لأن المعنى الجزاء بالمثل قوله: (وهو) أي: تقدير الخبر لهم وقوله أحسن أي من تقدير واقع وإنما تظهر الأحسنية عند جعل جملة جزاء سيئة بمثلها خبراً عن الذين لا عند جعلها معترضة فأبو البقاء راعي الثاني والحوفي راعى الأول.

  قوله: (لإغنائه) أي: وأما على تقدير واقع فلا بد من تقدير رابط أي واقع لهم. قوله: (فلا يحتاج إلى تقدير) أي وما لا يحوج أولى. قوله: (فلا يحتاج إلى تقدير) أي: للمبتدأ ولا للخبر لوجود كل منهما في اللفظ. قوله: (وأما قول أبي الحسن الخ) جواب عما يقال إنه على جعل جزاء سيئة مبتدأ يمكن أن يجعل خبره مثلها ولا تقدير فيكون مساوياً لما اختاره المصنف قوله: (فمردود) أي: لأن الباء عندهم لا تزاد في الخبر بل