الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا
  الذي أمركم الله به هو مكان الْحَرْثِ، ودلالة على أنَّ الغَرض الأصلي في الإتيان طلب النَّسْل لا مَحْض الشَّهوة، وقد تضمنت هذه الآية الاعتراض بأكثر من جملة؛ ومثلها في ذلك قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان: ١٤]، وقوله تعالى: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ}[آل عمران: ٣٦] فيمن قرأ بسُكون تاء وَضَعَتْ، إذ الجملتان المُصَدَّرَتان بـ «إني» من قولها & وما بينهما، اعتراض والمعنى وليس الذكر الذي طَلَبَتْه كالأنثى التي وُهِبَتْ، لها، وقال الزمخشري: هنا جملتان معترضتان كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦}[الواقعة: ٧٦] انتهى، وفي التنظير نظر، لأن الذي في الآية الثانية
  بالإتيان فيه الذي هو المعنى قوله من حيث أمركم الله. قوله: (ودلالة) عطف على تفسير أي وذو دلالة أي أنه دال عن ما ذكر قوله: (على أن الغرض) أي: على أنه ينبغي للشخص أن يكون الغرض الخ. قوله: (في الإتيان) أي من إتيان النساء. قوله: (بأكثر من جملة) أي: بل بجملتين أعني أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وفيه أن قوله يحب التوابين في قوة المفرد لأنه خبر إن قوله ويحب المتطهرين عطف عليه وحينئذ فهو في قوة المفرد فليس معنا إلا جملة واحدة والظاهر أن المصنف إنما جعلهما جملتين نظراً للصورة من كون كل واحدة فيها مسند ومسند إليه وأجاب بعض بأن قوله له ويحب المتطهرين يحتمل أنه خبر المحذوف أي وهو يحب المتطهرين وهذه الجملة عطف على جملة إن الله يحب التوابين فحنيئذ هما جملتان وهذا بعيد؛ بل الظاهر أن قوله ويحب عطف على يحب لكن المثال يكفي فيه رائحة الاحتمال قوله: (ومثلها في ذلك) أي: في الاعتراض بأكثر من جملة.
  قوله: (ووصينا الإنسان بوالديه) أي: أمرناه بالشكر لهما فقوله أن أشكر لي ولوالديك تفسير لوصينا أو بدل من والديه بدل اشتمال وذكر الجملتين في البين اعتراض وفائدة الاعتراض التنويه على حق الوالدين. قوله: (حملته أمه وهنا) أي: فوهنت بسببه وهنا على وهن أي أنها ضعفت للحمل وضعفت للطلق والولادة. قوله: (فيمن قرأ الخ) وهو ما عدا شعبة، وأما على قراءته بضم التاء وسكون العين فاعتراض بجملة واحدة. قوله: (من قولها) أي: قول حنة امرأة عمران قوله: (والمعنى) أي: معنى الجملة الثانية من جمل الاعتراض وقصد المصنف ببيانه دفع ما يقال أن مقتضى القاعدة من دخول أداة التشبيه على الأقوى أن يقال وليس الأنثى كالذكر يعني في الفضل والشرف فأجاب المصنف بأن المعنى ليس الذكر الذي طلبته لتقرب بخدمته لبيت المقدس كالأنثى التي وهبت في الفضل والشرف بل تلك الأنثى أفضل كثير من الذكور ألا ترى لقوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ}[آل عمران: ٤٢] الآية. قوله: (وفي التنظير) أي: جعل هذه الآية