أحدها: أن العطف لا يكون مضمرا ولا تابعا لمضمر
ما افترق فيه عطف البيان والبدل
  وذلك ثمانية أمور:
  أحدها: أن العطف لا يكون مضمراً ولا تابعاً لمضمر، لأنه في الجوامد نظير النعت في المشتق؛ وأما إجازة الزمخشري في {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ}[المائدة: ١١٧] أن يكونَ بياناً للهاء من قوله تعالى: {إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ}[المائدة: ١١٧] فقد مضى رَدُّه. نعم أجازَ الكسائي أن يُنعت الضمير بنعتِ مدح أو ذم أو ترحم، فالأول نحو: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ١٦٣}[البقرة: ١٦٣]، ونحو: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ٤٨}[سبأ: ٤٨]، وقولهم: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ الرَّؤُوفِ الرَّحِيمِ»؛ والثاني نحو: «مَرَرْتُ بِهِ الْخَبِيثِ»؛ والثالث نحو قوله [من الرجز]:
  ٦٩٥ - [قَدْ أَصْبَحْتُ بِقَرْقَرى كَوَانِسَا] ... فَلا تَلُمْهُ أَنْ يَنَامَ البَائِسَا
ما افترق فيه عطف البيان والبدل
  قوله: (لا يكون مضمراً ولا تابعاً) أي: يكون المتبوع ضميراً وعطف البيان مبين له فكما يقال الضمير لا ينعت ولا ينعت به تقول الضمير لا يعطف عطف بيان ولا يعطف عليه غير بياناً له قوله (لأنه في الجوامد الخ) أي فكما أن النعت يخصص متبوعه النكرة ويوضح متبوعه المعرفة فكذلك عطف البيان والضمير لا يخصص ولا يبين، وحينئذ فلا يكون نعتاً ولا عطف بيان وأنت خبير بأن هذا التعليل إنما يقتضي منع كون عطف البيان ضميراً ولا يقتضي منع كون متبوعه ضميراً مع أنه من جملة المدعي فالدليل أخص منه. قوله: (فقد مضى رده) أي: في أن المفسرة قوله: (نعم الخ) استدراك على قوله نظير النعت المفيد أن الضمير لا ينعت أصلاً كما أنه لا يعطف عليه عطف بيان أصلاً. قوله: (الرحمن الرحيم الخ) فهذه الأمور كلها عند غيره بدل، أما فيجعلها نعتاً. قوله: هو (علام الغيوب) نعت لفاعل يقذف. قوله: (الرؤوف الرحيم) نعت للضمير في عليه. قوله: (فلا تلمه الخ) صدره:
  قد أصبحت بقرقري كوانسا
٦٩٥ - التخريج: الرجز بلا نسبة في الدرر (١/ ٢٢١، ٦/ ١٢، ٦٢، ورصف المباني ص ٦٨٩؛ والكتاب ٢/ ٧٥؛ وهمع الهوامع ١/ ٦٦، ٢/ ١١٧، ١٢٧).
اللغة: القرقرى: اسم مكان في اليمامة. الكانسة: الظبي تدخل بيتها. البائس: المسكين.
المعنى: لقد نامت الإبل بعد شبعها وكأنها الظباء في أوكارها ونام راعيها، فلا لوم عليه.