حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: قول الزمخشري

صفحة 325 - الجزء 3

  الجهة السابعة: أن يَحْمِلَ كلاماً على شيء، ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه، وله أمثلة:

  أحدها: قولُ الزمخشري في {وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ}⁣[الأنعام: ٩٥] إنه عطف على {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى}⁣[الأنعام: ٩٥] ولم يجعله معطوفاً على {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}⁣[الأنعام: ٩٥]؛ لأن عطف الاسم على الاسم أولى، ولكن مجيء قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}⁣[يونس: ٣١، الروم: ١٩] بالفعل فيهما يدلّ على خلاف ذلك.

  الثاني: قول مكي وغيره في قوله تعالى: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا}⁣[البقرة: ٢٦] إن جملة {يُضِلُّ} صفة لـ «مثلاً» أو مستأنفة؛ والصواب الثاني، لقوله تعالى في سورة المدثر {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ}⁣[المدثر: ٣١].


  النحويين من أن أي في هذه الآية مضافة للضمير. قوله: (الجهة السابعة) أي: من الجهات التي يدخل الخطأ على المعرب بسبب عدم مراعاتها.

  قوله: (أن يحمل) أي: المعرب كلاماً محتملاً قوله: (بخلافه) أي: بخلاف ذلك الحمل أي وحينئذ فالذي ينبغي للمعرب أن يلاحظ المحلات المتقاربة ويجعل الإعراب في المحتمل مثل ما الإعراب فيه ظاهر قوله: (وله أمثلة) أي: كثر الخطأ فيها بمعنى خلاف الأولى. قوله: (ولم يجعله معطوفاً على يخرج الحي من الميت) أي: الذي هو خبر ثان. قوله: (يدل الخ) أي: لأن العطف فيها على يخرج إذ ليس فيها اسم، وحينئذ فيجعل مخرج هنا عطفاً على يخرج لأجل أن يوافق المحل الظاهر إعرابه فيكون. من عطف الاسم المشبه للفعل على الفعل قوله: (يدل على خلاف ذلك) قال الدماميني: في كلام الزمخشري ما يندفع به هذا الانتقاد وذلك أنه قال أن يخرج الحي من الميت موقعة موقع الجملة المبنية لقوله فالق الحب والنوى ولذا ترك العاطف، وإنما كانت كالمبنية له لأن فلق الحب والنوى بالنبات والشجر الناميين من جنس إخراج الحي من الميت؛ لأن النامي في حكم الحيوان، وإذا كان يخرج الحي من الميت في موضع البيان لفالق الحب والنوى لم يتأت عطف مخرج الميت من الحي عليه في هذا المحل لكونه لا يصلح بياناً كالأول، فلذلك جعل عطفاً على فالق الحب ففي تلك الآيات وجد ما يعين العطف على يخرج وفي هذه الآية وجد ما يرجح العطف على غيره فعمل في كل بمقتضاه وظهر بذلك أن كلام المصنف غير متجه.

  قوله: (وكذلك يضل الله الخ) أي: فهذا لا يصح أن يجعل صفة للمثل، وحينئذ فليكن في آية البقرة كذلك وفي هذا شيء لأن تعيين الاستئناف في آية المدثر لا يعينه في