[الكلام على قعود التشهد وإعراب أذكاره]
  الوَحْدُ والحِدَةُ مَصَدَرَ: وَحَدَ يَحِدُ، كَوَعَدَ يَعِدُ وَعْدًا وَعِدَةٌ.
  وقال أبو علي الفارسي: إِنَّهُ مَصدَرٌ مُنتَصِبٌ على أَنه مَفعُولٌ مُطلَقٌ للحال المُقَدَّرِ، أي: مَرَرتُ بِهِ مُنفَرِدًا وَحْدَهُ، وَافْعَلْهُ مُنفَرِدًا وَحْدَكَ، أَي: انفِرَادَكَ.
  فهَذَا المَصدَرُ وإن قام مقامَ الحَالِ مُنتَصِبٌ على المَصدَرِيَّةِ كما يَنتَصِبُ على الظرفية ما قامَ مقامَ خَبَرِ المُبَتَدَأ من الظُّرُوفِ، نحو: زَيْدٌ قُدَّامَكَ، ولا يُعرَبُ إِعْرَابَ مَا قامَ مقامه، فَهُوَ عِندَ البَصرِينَ إِمَّا حَالٌ، أو قَائِمٌ مقامَ الحال.
  وذَهَبَ الكُوفِيُّونَ إِلَى أَنْ انتِصَابَ (وَحدَهُ) على الظرفية، أي: على حالِهِ لا مع غَيرِهِ، فهُوَ فِي المَعنَى ضِدُّ (مَعًا) في قَولِكَ: جَاؤُوا مَعًا، وَكَمَا أَنْ فِي (مَعًا) خِلافًا، هَل هُوَ مُنتَصِبٌ على الحَالِ، أي: مُجْتَمِعِينَ، أو على الظّرْفِ فِي زَمَانِ وَاحِدٍ، فَكَذَا اخْتُلِفَ فِي (وَحْدَهُ) فِي نَحْو: جَاءَ وَحْدَهُ، أَهُوَ حَالٌ، أَي: مُنفَرِدًا، أو ظَرِفٌ، أي: لا مَعَ غَيْرِهِ.
  قالَ نَجْمُ الدِّينِ: وجَاءَ (وَحْدَهُ) مَجرورًا في مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ؛ قَرِيعُ وَحْدِهِ، وَنَسِيجُ وَحْدِهِ، أي: انفِرَاده، وهُوَ فِي الأصل ثَوبٌ لا يُنسَجُ على مِنوَالِهِ مِثْلُهُ، فَاسْتَعِيرَ لِلشَّخص المنقطع النَّظِيرِ.
  ويُقَالُ: فُلانٌ جَحَيشُ وَحدِهِ، وعُبَيرُ وَحدِهِ، وَرُجَيلُ وَحدِهِ، فِي المُعجَبِ بِرَأيهِ.
  ويُقَالُ: جَاءَ [عَلَى] وَحدِهِ، أي: على انفِرَادِهِ، و (عَلَى) بِمَعْنَى (مَعَ)، فـ (وَحْدَهُ) لازِمُ الإفرَادِ والتَّذْكِيرِ والإِضَافَةِ إلى المُضْمَرِ، وَلَازِمُ النَّصبِ إِلَّا فِي المَوَاضِعِ المذكُورَةِ. ذَكَرَهُ نَجِمُ الدِّين.