[الكلام على قعود التشهد وإعراب أذكاره]
  و (لا) في [لا] شَرِيكَ لَهُ هي (لا) الَّتِي لِنَفي الجنسِ.
  و (شَرِيكَ) اسم (لا)، وهُوَ مَبْنِيٌّ على الفتح؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ، وخَبَرُهَا الْجَارُّ والمجرُورُ، أعني (لَهُ)، وفِي رَافِعِهِ خِلافٌ كما مَرَّ.
  ثُمَّ إِذَا فَرَغَ الْمُصَلِّي من الشَّهَادَةِ بِاللَّهِ الَّذي وَجَّهَ العَبدَ لِلعِبادَةِ إِلَيْهِ عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ بِرَسُولِهِ الَّذِي أتى بِوُجُوبِ تِلكَ العِبادَةِ، إذ كُلُّ مِنَ الشَّهَادَتَينِ تُتِمُ الْأُخْرَى، فقال: (وأَشْهَدُ أن محمدًا)، أي: الذي أتى بوُجُوبِ هَذَا التَّعَبدِ المَخصُوص.
  (عَبدُهُ) أي: مُذَلَّلُ نَفْسِهِ اللَّهِ طَوعًا لَهُ تَعَالَى بِالمُوَاظَبَةِ على عِبَادَتِهِ لَيلاً ونَهَارًا.
  (وَرَسُولُهُ) أي: إلى عِبَادَةِ الشَّرَائِعِ الوَاجبَةِ وَالمَندُوبَةِ وَالْمُبَاحَةِ والمَكرُوهَةِ،.
  و (مُحَمَّدًا) مَنصُوبٌ لِكُونِهِ اسمَ (أَنَّ) المَفْتُوحَة.
  و (عَبْدُهُ) خَبَرُهَا، وهُوَ وَاجِبُ الرَّفع.
  و (رَسُولُهُ) مَعطُوفٌ عَلَيْهِ، وارتِفَاعُ خَبَرِها بِهَا عِندَ البَصرِيِّينَ، وَذَهَبَ الكُوفِيُّونَ إلى أنهُ لا عَمَلَ لَهَا فِي الخَبَرِ، وأنّه مُرتَفَعُ بِمَا كانَ مُرتَفِعًا بِهِ قَبْلَ دُخُولِهَا، فَلَو عَكَسَ العبد الإعراب، بأن رَفَعَ اسْمَهَا، ونَصَبَ خَبَرَهَا، أَو نَصَبَهُما، أو جَرَّهُمَا، أَو رَفَعَهُمَا، أو غَيْرَها، إلى غيرِ ما ذَكَرنَاهُ أولاً من سَائِرِ وُجُوهِ التَّغيِيرَاتِ لَكَانَ مُخطِئًا.
  قال الشّيخُ طَاهِرُ في شَرحِهِ: ومن هَا هُنا قُلْنَا: إِنَّ مَن قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ محمّدًا رَسُولَ اللهِ، بِنَصبِهِمَا جَمِيعًا لم يَكُن قد شَهِدَ لَهُ ÷ بِالرِّسالَةِ؛ لأنَّهُ لم يُخبر عَن مُحَمَّدٍ مَعَ نَصبِ الرَّسُولِ بِشَيْءٍ، ولا اعتَرَفَ بِهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ لَو قَالَ: إنَّ اللَّهَ رَبَّنَا، لم يَكُن مُعتَرِفًا بِشَيْءٍ، فإن رَفَعَ الرَّبَّ كَانَ مُعتَرِفًا بِالرُّبُوبِيَّةِ، وهو الصَّوَابُ. انتَهَى.