الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

مراتب المعارف

صفحة 226 - الجزء 1

  فأما أهل الكوفة فإنهم يوافقون البصريين في مذهبهم خلا أن عندهم المبهم أعرف من العلم والمختار ما ذهب إليه جماهير البصريين، والدليل على أن المضمر أعرف المعارف هو أن ما كان منها موضوعاً للمتكلم والمخاطب فهو واضح لا يحتاج إلى التفسير، وما كان منها للغائب فليس يضمر إلا وقد عرف ثم العلم أعرف. من اسم الإشارة لأمرين أما أولا فلأن اسم الإشارة يكون وصفاً للعلم وتابعاً له فكان أخص منه وأدخل في التعريف.

  وأما ثانياً: فلأنك إذا قلت جاءني الرجل الطويل الأبيض الذي من صفته كيت وكيت وذهبت تذكر جميع صفاته أغناك عن تكرير هذه الصفات جاءني زيد فلما ذكرته باسمه العلم من أول وهلة كان دالاً على هذه الصفات مشتملاً عليها مفيداً لها. فلهذا قلنا: إنه أعرف من اسم الإشارة ولا يقال (فيلزم مثله في اسم الإشارة فإنك إذا قلت: هذا؛ فإنه يفيد الرجل الطويل الأبيض الذي من شأنه كيت وكيت لأنا نقول هذا فاسد فإن الصفة في اسم الإشارة. إنما سيقت من أجل بيان الحقيقة؛ ولهذا اشترط فيها أن تكون صفتها اسم جنس لما كان فيه بيان لأصل الشيء وحقيقته بخلاف العلم فإن الصفة فيه إنما سيقت من أجل إزالة اللبس بين المشتركين وللدلالة على المعاني الموضوعة لها، فلا يلزم من كون العلم مجموع صفات أن يكون اسم الإشارة كذلك لما ذكرنا من الفرق).

  وهذا مراد الشيخ بقوله: لأن العلم مجموع صفات كما حققناه ثم اسم الإشارة أعرف من ذي اللام؛ لأن المعرف باللام يكون وصفاً وتابعاً لاسم الإشارة فلهذا كان أخص منه، والمعرف باللام أعرف من المضاف إلى المعرفة، لأن المعرف باللام حصل له التعريف من نفسه والمضاف حصل له التعريف من غيره؛ لأن اللام بمنزلة الجزء من الكلمة فكان تعريف ذي اللام أقوى من تعريف ذي الإضافة، فهذا من جملة الكلام في المعارف.