ما يختص بعضها دون بعض
  الصورة بني، فإذا تقررت هذه الجملة فاعلم أن المقصود فيها يحصل في موضعين الأول منها في ذكر معانيها والثاني في أحكامها.
  أما الموضع الأول: وهو في ذكر معانيها؛ فاعلم أن أسماء الاستفهام إنما وضعت للاختصار والإيجاز. ألا ترى أنك إذا أردت أن تعلم من في الدار، قلت: من في الدار؟ فكان جوابه زيداً أو عمراً، فلوا أسقطت (من) وأتيت بالهمزة لطال الكلام.
  بذكر كل واحد من العقلاء بانفراده، وإذا أتيت (بمن) اقتضي الجواب من أول الأمر وسقطت الإطالة. (فمَن) سؤال عمن يعلم فتقول (من جاءك؟)، و (ما) سؤال عما لا يعلم تقول: (ما أكلت؟) و (كم) سؤال عن العدد، تقول (كم دراهمك؟) (وكيف) سؤال عن الأحوال تقول (كيف أمرك؟) و (كيف تكون؟)، و (أين) سؤال عن الأمكنة، تقول (أين زيد؟ وأين أخوك؟)، و (أنى) سؤال عن الجهات تقول (أني لك هذا؟) و (أنى جئت) و (متى) سؤال عن الأزمنة تقول (متى تخرج؟) و (متى يأتي الأمير؟) و (أيان) سؤال عن الأمور العظيمة تقول (أيان وصول الأمير؟) قال الله تعالى (أيان مرساها) و (أي) سؤال عن بعض تقول (أي الرجال جاءك؟) و (أي القوم خرج؟) فقد عرفت اختلاف هذه الأسئلة، ومباينة بعضها لبعض كما قررناه.
  وأما الموضع الثاني: وهو في ذكر أحكامها، فاعلم أن أحكامها على نوعين: عامة وخاصة، فالنوع الأول: منها عامة وهي أربعة.
  فالحكم الأول: أنها مشتركة في أن لها صدر الكلام، فلا يجوز أن يتقدم عليها شيء من العوامل، فلا يجوز أن تقول (ضربت من؟) ولا (أكلت ما؟) إلا المضاف وحروف الجر فإنه يجوز أن يتقدم عليها فتقول (غلام من ضربت؟) و (طعام من أكلت؟) و (على من نزلت) و (وعلى كم جذعاً بني بيتك؟) وإنما ساغ هذا في