الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

قسمة الأفعال

صفحة 254 - الجزء 1

  الثاني أخرى، لا لأنه غير موضوع لأحدهما بخلاف الصبوح والغبوق، فإنهما لم يوضعا قط دالين على أحد الأزمنة الثلاثة، لا بظهور ولا باشتراك فوجب دخول الفعل المضارع في حد الفعل) وخروج باب الغبوق والصبوح عنه كما حققناه. وهذه الإشكالات بعينها هي التي أوردناها على حقيقة الاسم، لكن التوجيه مختلف وقد ظهر الجواب عليها والحمد الله رب العالمين.

  وأما الموضع الثاني: في سبب تلقيبه بقولنا فعلاً. وفيه وجهان أحدهما: أنا نقول: أهل اللغة لما جعلوا ما تركب من مجموع الفاء والعين واللام وزناً لجميع الأبنية في الأسماء والأفعال على اختلاف أبنيتها وأوضاعها جعلوه أيضاً عبارة عن جميع ما يقع من الحوادث، فسموا جميع ما يحدث فعلاً، هذا هو مراد الشيخ بقوله: لأنه لفظ توزن به جميع الأفعال، ويعبر به عنها. قال الله تعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}⁣[الأنبياء].

  وثانيها: أن أهل اللغة لما أرادوا أن يضعوا عبارة لجميع الحوادث صاغوا لها عبارة مركبة من جميع المخارج فأخذوا من الشفة الفاء، ومن الحلق العين ومن اللسان اللام مطابقة للمعاني وقصداً للموافقة فهذان الوجهان هما السبب في تلقيبه (بالفعل) كما ذكرناه.

  وأما الموضع الثالث: وهو في قسمة الأفعال فاعلم أنها تنقسم إلى وجوه كثيرة باعتبارات مختلفة، ولكنا نقتصر على الأهم ونشير إلى ما يليق بمقاصد النحاة فنقول: تنقسم الأفعال باعتبار أمور أربعة.

  التقسيم الأول: باعتبار دلالتها على المعاني إلى متصرفة وغير متصرفة. فالمتصرفة تنقسم إلى ما يكون موضوعاً للإنشاء كالأمر والنهي من قولنا (قم ولا تضرب) وإلى ما يكون موضوعاً للإخبار كقولنا (قام ويضرب) وغير المتصرفة أيضاً تنقسم إلى مايكون موضوعاً للإنشاء كقولنا (نعم وبئس)