الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

أحكامه

صفحة 265 - الجزء 1

  الفائدة الأولى: في بيان مالا ينصرف من الأفعال، وجملة مالا يتصرف خمسة (نعم وبئس وحبذا وليس وعسى) وفعلا التعجب، فإن هذه الأشياء قد قام البرهان الواضح على فعليتها كما قدمنا، وإنما ترك تصرفها لما وضعت للإنشاء فألزمت طريقة واحدة في ترك التصرف ايذاناً بهذا الغرض. ولهذا قال النحاة في نعم: إنه منقول من نعم وبئس منقول من بئس، وهكذا سائرها، فحكموا بأن أصلها أن تكون إخباراً، ولكنهم نقلوها إلى معنى الإنشاء، والتزموا ترك تصرفها من أجل ذلك.

  الفائدة الثانية: في ذكر ما يتصرف من الأفعال: واعلم أن التصرف في الأفعال لازم لها كلزوم الإعراب في الأسماء لأن دلالة الأفعال على معانيها المختلفة إنما هو باختلاف صيغها، ودلالة الأسماء على معانيها باختلاف إعرابها وصيغتها واحدة.

  الفائدة الثالثة: في كيفية التصرف وجملة تصرفها على وجوه خمسة الماضي، والحاضر، والمستقبل والأمر والنهي، ولكل واحد من هذه المعاني صيغة تدل عليه، فالماضي نحو (حضر، وكتب) والحال نحو (يقوم ويخرج) والمستقبل في نحو قولك (سيقوم وسوف يضرب) والأمر في مثل قولك (قم واخرج) والنهي (لا تضرب ولا تخرج) فعلى هذه الوجوه يكون تصرف الأفعال.

  الفائدة الرابعة: في حكم آخر فعل الأمر، فأما المعرب منه فسيأتي شرحه، وأما المبني فحكمه في الصحيح أن يكون موقوفاً كـ (اضرب واخرج) وأما المعتل منه فإنه يحذف منه آخر الكلمة واواً كانت أو ألفاً أو ياء كقولك (اخش، وارم، واغزُ) فالفتحة في (اخش) دليل على الألف المحذوفة والكسرة في (ارم) دليل على الياء المحذوفة منه أيضاً، والضمة في كلمة (اغزُ) دليل على الواو المحذوفة منه، وعلى الجملة فإنه يبنى على ما يجزم به فإن كان صحيحاً فهو موقوف (اللام)، وإن كان معتلاً فتطرح أعجاز الكلمة منه كالواو والياء والألف كما مر بيانه، وإن كان فعل الاثنين فتحذف النون (كاضربا) وإن كانوا جماعة فتحذف نونه أيضاً (كاخرجوا) وإنما كان بناؤه على ما يجزم به لأنه في معناه ولم يفقد منه إلا سبب الإعراب، فلهذا كان مبنياً على ما كان يجزم به لو حصل فيه حروف المضارعة التي هي سبب إعرابه.