تلقيبه، أقسامه
  ما هو منه، والجواب إنا إنما أو جبنا في الحرف أن يكون دالا على معنى في غيره إذا كان مستعملاً في معناه الذي وضع له، فأما إذا كان مستعملاً في غيره فلا. وقولنا (من) حرف جر ليس كذلك، فإنه أخبر عنه هاهنا باعتبار لفظه فقط من غير استعماله في معناه، وهو بهذا الاعتبار اسم ولهذا أخبر عنه بقولنا (من) حرف جر.
  الإشكال الثاني: (الذي، والتي، وسائر الأسماء الموصولة). ووجه إشكالها أنها دالة على معان في غيرها وهي صلاتها، فيجب أن تكون حروفا وعلى هذا يدخل في الحد ما ليس منه.
  والجواب أن الموصولات دالة على معان في أنفسها في أصل وضعها، وإنما عرض لها الإبهام في بعض مواقعها فأوضحت بصلاتها وعلى هذا كان لا يفتقر الشيخ إلى ذكر الاحتراز بقوله (ولم يكن أحد جزأي الجملة) لما ذكرنا فهذا هو الكلام في حد الحرف.
  وأما الموضع الثاني: في تلقيبه: فاعلم إنما لقب حرفاً لأحد أمرين: أحدهما: أن حرف الشيء طرفه كما ذكرنا، فمن حيث كان الحرف دالاً على معنى في غيره صار كأنه طرف له، وثانيهما: أنه لما لم يكن له من الثبوت والمكانة في الدلالة على معنى في نفسه. ما للاسم والفعل سمي حرفاً أخذاً من حرف الشيء وهو شقه أي جانبه، فهذا هو الأصل في تلقيبه باسم الحرف.
  وأما الموضع الثالث: وهو في تقسيمه: فاعلم أن الحروف تنقسم باعتبارات كثيرة إلى أقسام مختلفة، ولكنا نقتصر على المهم منها وهو ثلاثة.
  التقسيم الأول: باعتبار متعلقاتها إلى ما يكون مختصاً بالأسماء كحروف الجر، وحروف النداء، ولام التعريف، وإلى ما يكون مختصاً بالأفعال، كقد ولو والسين وسوف وحروف الشرط، وإلى ما يكون مشتركاً بين الاسم والفعل كحروف العطف، وحرفي الاستفهام.
  التقسيم الثاني: باعتبار تأثيرها إلى عاملة وغير عاملة، فالعاملة منقسمة إلى ما يكون عملها النصب في الأسماء كحروف النداء، وفي الأفعال كـ (أن، ولن، وإذن، وكي) وإلى ما يكون عملها الجر (كحروف الجر) وإلى ما تكون عاملة في الوجهين جميعاً كـ (إنَّ، وأنّ) وأخواتهما و (لا) لنفي الجنس، و (ما) الحجازية، فإنها تعمل الرفع والنصب جميعاً.