الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

(لا) النافية للجنس

صفحة 334 - الجزء 1

  الفائدة الرابعة: (لا حول ولا قوة إلا بالله) وفيها بحثان البحث الأول عن معانيها الإعرابية وهي خمسة: أولها: فتحهما جميعاً فتقول (لا حول ولا قوة إلا بالله) وهو الكثير في الاستعمال، ووجهه أنا نقدر كل جملة مستقلة بنفسها مبنية لتضمنها معنى الحرف كما قررناه من قبل. وثانيها فتح الأول ونصب الثاني فتقول (لا حول ولا قوة) ووجهه أنا نقدر الأول جملة تامة مستقلة بنفسها، والثانية معطوفة على لفظها لأن الفتحة في الأولى مشبهة للحركة الإعرابية، فلهذا حمل على لفظها.

  وثالثها: فتح الأول ورفع الثاني فتقول (لا حول ولا قوة) ووجهه الجملة الأولى مستقلة بنفسها، والثانية معطوفة على محلها بالرفع.

  ورابعها: رفعهما جميعاً فتقول (لا حول ولا قوة إلا بالله) ووجهه المطابقة لمن يقول (هل في الدار رجل أو امرأة) فتقول (لا رجل في الدار ولا امرأة).

  وخامسها: رفع الأول وفتح الثاني فتقول (لا حول ولا قوة) ووجهه أنا نقدر الأولى بمعنى ليس ولهذا كان صعيفاً؛ لأن استعمالها بمعنى ليس قليل والثانية جملة مستقلة بنفسها، فهذه وجوهها الإعرابية الخمسة.

  البحث الثاني: عن معناها العقلي، واعلم أنه يتمشى في قولنا (لا حول ولا قوة إلا بالله) معنيان. أحدهما: أن يكون المعنى فيها ألا طاقة ولا قدرة في أحد من الخلق إلا من الله.

  وثانيهما: أن يكون المعنى لا بطش ولا شدة على الانتقام من المردة إلا بالله فهذان المعنيان يقضي بهما العقل، ولا ينكرهما، وإنما أوردنا هذا الكلام وإن كان لا تعلق له بعلم العربية إنكاراً على ابن بابشاذ ورداً على كلامه حيث زعم في شرحه أن معناها: أن الله تعالى خالق لأعمال العباد، ولقد كان له في نحوه شغل عن الكلام في مسألة المخلوق:

  ورب كلام مر فوق مسامعي ... كما طنَّ في لوح الهجير ذباب

  فهذا هو الكلام في فصل الحروف.