الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

العامل المعنوي

صفحة 379 - الجزء 1

  في الرفع وهكذا قولنا (أكرمت زيداً) فإن المقتضي في النصب هو المفعولية، وإنما يظهر حكمها وهو النصب بقولنا (أكرمت) لأنه العامل في النصب، وكذلك مررت بزيد جاري هذا المجرى وأما بيان الوجه الذي لأجله تعمل العوامل فاعلم أن أصل العمل إنما هو بالأفعال؛ لأنها لما تصرفت كان العمل مستحقاً لها، وأما الحروف فإن ما يعمل منها الرفع والنصب إنما عمل لأجل مشابهتها للأفعال، وهكذا الأسماء إنما عملت لأجل مشابهتها للأفعال كما سيأتيك مقرراً في موضعه من هذا الفصل إن شاء الله تعالى.

  وأما الموضع الثاني: وهو في قسمة العوامل فلها تقسيمات ثلاثة:

  التقسيم الأول: باعتبارها في أنفسها إلى لفظي ومعنوي. فالمعنوي ضربان أحدهما: عامل الرفع في المبتدأ والخبر، وثانيهما: عامل الرفع في الفعل المضارع. وأما اللفظي فهو ثلاثة: أفعال - وأسماء - وحروف.

  التقسيم الثاني: باعتبار عملها إلى ما يكون عملها بالأصالة وإلى ما يكون عملها بالمشابهة (وإلى ما يكون عملها بالاختصاص) فالذي يكون عمله بالاختصاص كحروف الجر والجوازم، والذي يكون عمله بالأصالة. الأفعال، والذي يكون عمله بالمشابهة هو الأسماء والحروف التي ترفع وتنصب.

  التقسيم الثالث: باعتبار ما يعرض لها عن العمل إلى ما يجوز إلغاؤه عن العمل، وإلى مالا يجوز إلغاؤه عن العمل، فالذي لا يجوز إلغاؤه عن العمل هو الأفعال، لأنها لا تنفك عن العمل بكل حال والذي يجوز إلغاؤه عن العمل هو الأسماء والحروف؛ لأنه ربما عرض لها ما يقطع عملها فتخرج عن أن تكون عامله كما سنقرره بعون الله تعالى.

  وأما الموضع الثالث: وهو الكلام في كيفية تأثيرها في معمولاتها، فاعلم أن العوامل في غرضنا منقسمة إلى خمسة أقسام وهي مشتملة على جميع أسرار هذا الفصل، ونحن نوردها واحداً واحداً ونبين كيفية تأثيرها في معمولاتها وأحكامها:

  القسم الأول: من العوامل العامل المعنوي و هو ضربان:

  الضرب الأول: عامل المبتدأ والخبر، وفيه فائدتان:

  الفائدة الأولى: في بيان العامل في المبتدأ والخبر، واعلم أن التحقيق أن العامل فيهما هو الابتداء لأنه معنى قد تناولهما تناولاً واحداً، وحقيقته راجعة إلى أمور أربعة: