أفعال المقاربة
  وما برح) وما لزم أوله (ما) فمعناها استمرار الفعل بصاحبه في زمانه كقولك (لا أبرح) و (مازال زيدُ (قائما) و (أحييك مادام أخوك مقيما) وجميعها تستعمل في المستقبل والماضي كقولك (ما يزال زيد، وما زال زيد) و (ما انفك زيد، وما ينفك) إلا (ليس ومادام) فإنهما يلزمان الماضي لا غير وهذا هو مراد الشيخ بقوله: إنها تتصرف هذا التصرف في أكثر الأمور يريد (ما دام) وأما (ليس) فمعناها نفي مضمون الجملة في الحال تقول (أليس زيد (قائما) و (ليس زيد بقائم) ونحوه.
  الفائدة الرابعة في أفعال المقاربة وهي (عسى، وكاد، وطفق، وكرب، وأخذ، وجعل) ولها في المقاربة ثلاثة أحوال:
  الحال الأولى: أن تستعمل لدنو الخبر على معنى الرجاء و ذلك نحو (عسى) وتأتي في ذلك على وجهين: أحدهما: بمعنى قارب، فيكون لها اسم وخبر، ويشترط في خبرها أن يكون فعلاً مضارعاً معه (أن) لتحقيق معنى الرجاء تقول (عسى زيد أن يقوم) قال الله تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ}[المائدة: ٥٢] وثانيهما: بمعنى قرب فلا يكون لها إلا اسم فقط تقول (عسى أن يقوم زيد) قال الله تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢١٦].
  الحالة الثانية: أن تستعمل لدنو الخبر على معنى الحصول وذلك نحو (كاد زيد يقوم)، و (كادت الشمس تغرب) ومعناها أن دنوهما من القيام والغروب قد حصل قال الله تعالى {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ}[البقرة: ٢٠] ومعناه أن دنو البرق من اختطاف أبصارهم حاصل.
  الحالة الثالثة: أن يستعمل دنو الخبر على معنى الأخذ فيه، وذلك نحو (جعل وطفق وأخذ) وسائرها تقول (طفق زيد يتحدث، وجعل يتكلم، وأخذ يأكل) ومعناها أنه أخذ في الحديث والكلام والأكل فحصل من مجموع ما ذكرنا أن معنى المقاربة ما وضع لدنو الخبر رجاءً أو حصولاً أو أخذاً فيه على ما حققناه هاهنا.