الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

النوع الرابع: في أفعل التفضيل وفعل التعجب

صفحة 417 - الجزء 1

  {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}⁣[البقرة: ٩٦] وقال الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا}⁣[الأنعام: ١٢٣].

  الحالة الثالثة: استعماله بمن في مثل قولك (زيد أفضل من الناس، وهند أفضل من كل امرأة) وهو إذا كان على هذه الصفة فليس فيه إلا وجه واحد وهو الإفراد، فتقول زيد أفضل من عمرو، والزيدان أفضل من الناس، والزيدون أفضل من غيرهم، وهند أفضل من النساء، والهندان أفضل من غيرهما، والهندات أفضل من غيرهن، وإنما وجب الإفراد مع (من) وترك المطابقة لمن هو له في التثنية والجمع والتذكير والتأنيث، لأن أفعل التفضيل في هذه الحالة جار مجرى فعل التعجب، لأن معنى قوله زيد أفضل من عمرو أي يزيد فضله على عمرو، كما أن معنى قولك ما أفضل زيداً الإخبار بزيادة فضله، فلهذا أفرد كإفراده، فهكذا يكون استعماله.

  الفائدة الثالثة في بيان عمله: اعلم أن الأصل في أفعل التفضيل أن لا يكون له عمل البته لأن جميع ما تقدم من الأسماء العاملة كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة باسم الفاعل، إنما عملت لأنها في معنى أفعالها، فلهذا عملت عملها، وأما أفعل التفضيل فحقيقته وموضوعه إنما هو للدلالة على الزيادة على غيره، وليس له فعل باعتبار كونه دالا على الزيادة، فلهذا لم يكن عاملا على الحقيقة وإنما يؤثر تأثيرا متقاصراً لأجل (مشابهته للصفة المشبهة باسم الفاعل)، وهو في ذلك على ثلاث مراتب.

  المرتبة الأولى: أن يكون رافعاً للمضمر عاملاً فيه كما تعمل الظروف والحروف في المضمر في مثل قولك (زيد أفضل منك، والزيدان أفضل منك، والزيدون أفضل منك)، ففي أفضل ضمير مرفوع بأفضل راجع إلى ما قبله.

  المرتبة الثانية: أن يكون ناصباً للتمييز عاملاً فيه كما يعمل فيه ما أشبه الفعل كـ (عشرون درهما) و (منوان سمنا) في مثل قولك (زيد أحسن منك وجها، وأكثر علما)، وأوسع فهما) فانتصاب هذه التمييزات إنما هو بأفعل لا غير كما قدمنا شرحه في باب التمييز، وقد تعمل في الحال في نحو قولك (هذا بسراً أطيب منه رطباً) على اختلاف بين النحاة، والأقوى عمله في الحال كالتمييز.