النوع الخامس: في أسماء الأفعال
  الفعل فيه موجودة، فهذا النوع إنما يكون عاملاً لما وجدت فيه أحرف الفعل، فكان المقتضي للعمل حاصلا فعمل، وإنما عدل عن صيغة الفعل إلى هذه الصيغة للمبالغة، كما عدلوا في صيغة اسم الفاعل عن فاعل إلى فعّال في (شارب وشراب) للمبالغة أيضاً.
  الفائدة الثانية: فيما يقتضي العمل من أسماء الأفعال لأنه في معنى الفعل وليس فيه شيء من حروف الفعل، وذلك نحو قولك (دونك زيداً) أي خذه، (وعندك عمراً) أي الزمه. و (عليك زيداً) أي إيته و (علي زيداً) أي أوليته وغير ذلك، فهذا النوع إنما عمل لأنه في معنى الفعل، ويدل عليه ويفسر به، فلهذا أعمل عمله، وإن لم يكن فيه حروف الفعل موجودة. وهذا الذي يريده النحاة بقولهم الإغراء، فإن هذه الأمور إنما عملت في معمولاتها لأنها دالة على الفعل ومقتضية له وإنما سماها النحاة إغراء لما كان المعنى فيها طلب الشيء وأخذه ولزومه، ومن غير الإغراء مما يعمل أيضاً، وليس فيه حروف الفعل وذلك نحو قولهم (بله زيداً) أي اتركه و (وهلم زيداً) أي احضره قال الله تعالى {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}[الأنعام: ١٥٠] وهات الشيء أي أعطنيه، قال الله تعالى {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}[البقرة: ١١١] ونظائره.
  الفائدة الثالثة: في ذكر أحكامها، وهي ثلاثة:
  أولها: إنها وإن كانت دالة على الفعل وعاملة عمله فلا يجوز تصرفها كتصرف الأفعال في أمر ولا نهي ولا ماض ولا مستقبل، لأنها قد صارت أسماء، فلا حظ لها في الفعلية بحال.
  وثانيها: أنه لا يجوز النصب بالفاء في جوابها فلا يجوز أن تقول نزال فأكرمك ولا علي زيداً فأكرمه، لأن الفاء إنما تكون ناصبة في جواب الإنشاء، وهذه الأسماء قد خرجت عن معنى الإنشاء فلا يجوز النصب بالفاء في أجوبتها.
  وثالثها: أنه لا يجوز تقديم شيء من معمولاتها عليها، فلا يجوز أن نقول (زيداً نزال) ولا (زيداً علي) ولا (زيداً عليك)، لأن التقديم والتأخير إنما يسوغ في الأفعال المتصرفة، وأما هذه الأسماء فقد الزمت طريقة واحدة في العمل فلم يسوغوا تقديم معمولاتها عليها.