الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

ما يعمل عمل المشتق وليس بمشتق

صفحة 427 - الجزء 1

  وثانيهما: أنه لا يجوز تقديم شيء من معمول المضاف إليه على المضاف، وهو في الجواز وتركه واقع على الثلاثة أوجه أحدهما: ممتنع بلا خلاف وذلك في مثل قولك (أنت زيداً مثل ضارب) لأن (زيدا) معمول، الضارب، وقد قدمته على (مثل) المضاف إلى ضارب، فلم يجز لما ذكرناه.

  وثانيهما: جائز بلا خلاف وهي في مثل قولك (أنت زيداً لا ضارب) لأن (لا) ليست مضافة إلى ضارب، وإنما هي حرف للنفي، فلم يكن فيها ما يمنع تقديم المعمول كما كان في (مثل).

  وثالثها: جائز وممتنع على حسب الخلاف، فأما من منعها فلأن (غيراً) في معنى (مثل) لاشتراكها في الاسمية ولزوم الإضافة فإذا امتنع في (مثل) امتنع في (غير) لتماثلهما، وأما من جوزها فلأن (غير) في معنى (لا) فإذا جاز في (لا) جاز في (غير)، وهذه المسألة في مثل قولك (أنت زيدا غير ضارب).

  النوع الثالث: ما ليس بمشتق ولا نازل منزلة المشتق وإنما هو في معنى المشتق: وهذا كاسم الإشارة، وها التنبيه، فإنهما يعملان في الأحوال النصب، كقولك (ها زيد واقفاً) و (ذا زيد واقفاً) و (هؤلاء الزيدون واقفين) وإنما عملا النصب لأن معناها أنبه، ومعنى (ذا) و (أولاء) أشير فلما كانت في معنى الفعل كما ذكرنا عملت في هذه الأحوال النصب، والفرق بين هذا النوع والنوع الأول، أن الأول واقع موقع المشتق لأن الظروف والحروف إذا وقعت في تلك المواقع التي ذكرناها نزلت منزلة قولنا كائن ومستقر وثابت، وهذه أمور مشتقه، وهذا النوع ليس كذلك بل إنما هو مشعر بالفعل ودال عليه، وليس واقعا موقعه، والمعنى فيه قريب، واعلم أن الأحوال لما كانت فضلة في الكلام عملت فيها الأفعال وما كان يشم رائحة من الأفعال، فأما ما عمل الأفعال فيها فهو ظاهر وقد فصلناه، وما ما يشم رائحة منها فهو نوعان:

  أحدهما: أن يكون معنى الفعل فيه واضحاً جلياً كما ذكرنا في اسم الإشارة وحرف التنبيه، وقد ورد به التنزيل في قوله تعالى {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}⁣[هود: ٧٢] وقوله تعالى {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً}⁣[النمل: ٥٢].

  وثانيهما: أن يكون معنى الفعل فيه خفياً يستدرك بدقيق النظر ويلحظ بعين الإشفاق ويتلطف في استخراج معناه بالفكر الصافي، ولنذكر فيه ثلاث مسائل: