الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

التأكيد

صفحة 433 - الجزء 1

  سائر التوابع، وقولنا يدل على إيضاح المتبوع يخرج عن النعت، فإن النعت لا يدل على إيضاح المتبوع، ولكن يدل على حصول معنى فيه كما سيأتي مشروحاً، وقولنا في نسبته أو شموله يخرج عن عطف البيان فإنه دال على إيضاح المتبوع ولكن ليس في النسبة والشمول، والمراد بقولنا في نسبته أو شموله أن النسبة قولك (قام زيد نفسه، وخرج زيد عينه) والشمول قولك (مررت بالقوم كلهم وجاؤوني أجمعون) فإنك إذا أتيت بهذين الأمرين فقد قررت المؤكد في نفس السامع ومكنته في قلبه عن أن يخالطه شك أو يعتريه في أمره ريب، وأما صيغه فاعلم أنها على نوعين: أحدهما: مستقلة بنفسها في التأكيد غير تابعة لغيرها. وهي هذه التسعة (نفسه عينه، كله، أجمع، أجمعون، جمعاء، جمع، كلاهما، كلتاهما) فهذه الصيغ كلها موضوعة للتأكيد المعنوي في النسبة أو الشمول كما ذكرناها.

  وثانيهما: تابعة لأجمعين وهي ثلاثة (أكتع، وأبتع، وأبصع) فهذه الأمور الثلاثة لا تأتي في التأكيد إلا تابعة لأجمعين على إثره ولها استعمالان: أحدهما: في الأصل، وثانيهما: في العرف.

  فأما الاستعمال اللغوي فالكتع في الأصل هو التمام، واشتقاقه من قولهم أتى عليه عام أكتع أي تام، والبتع في الأصل هو الطول في العنق، واشتقاقه من قولهم فرس بتع أي طويل عنقه مع شدة مغرزه، والبصع بالصاد غير المعجمة هو الري واشتقاقه من قولهم: إلى متى تكرع ولا تبصع أي تروى، وروى ابن الأعرابي أنه بالضاد المعجمة، فهذا هو استعماله في اللغة.

  وأما الاستعمال العرفي، فقد استعملوها في تقرير فائدة المؤكد وتمكينه في النفس وتحقيقه، ولا تأتي إلا على أثر أجمعين تابعة له كما سنقرره.