الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

البدل

صفحة 445 - الجزء 1

  وثانيهما: إنك إذا قلت (يا غلام زيد)، فإن جعلت زيداً عطف بيان للأول جاز فيه وجهان الرفع على اللفظ والنصب على المحل، فتقول يا غلام زيد وزيداً، ويا رجل بشر وبشراً وإن جعلته بدلا، فلا وجه فيه إلا الضم لأنه هو المقصود بالنداء فكأنك قلت (يا زيد) و (يا بشرُ) وأما ما يفصله لك عن النعت فأمران، أحدهما أن النعت دال على معنى في متبوعه وليس موضحاً له، وهذا إنما وضع من أجل إيضاح الأول في ذاته، وليس دالا على معنى فيه، وثانيهما: أن النعت يكون بالأسماء المشتقة أو ما ينزل منزلتهما وهذا لا يشترط في عطف البيان.

  قال الشيخ: (فصل وأما البدل فهو إعلام السامع بمجموعي الاسم على طريق البيان من غير أن ينوي بالأول منهما الطرح عند سيبويه دون غيره) وجملة الأبدال أربعة، بدل كل من كل، وبدل بعض من كل، وبدل الاشتمال وبدل الغلط. فالأول: يبدل فيه المعرفة من المعرفة مثل {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ٦ - ٧]، والنكرة من النكرة مثل {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ٣١ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ٣٢}⁣[النبأ]، ونكرة من معرفة مثل {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ١٥ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ١٦}⁣[العلق]، ومعرفة من نكرة مثل {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢ صِرَاطِ اللَّهِ}⁣[الشورى: ٥٢ - ٥٣] وبدل ظاهر من ظاهر وهو جميع ما ذكرناه، وبدل مضمر من مضمر وليس في القرآن ومثاله: رأيته إياه، وبدل ظاهر من مضمر مثل {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢ صِرَاطِ اللَّهِ}⁣[الشورى: ٥٢ - ٥٣]، وبدل مضمر من ظاهر وليس في القرآن مثل (رأيت زيداً إياه)، فهذه ثمانية أقسام وكلها تجوز في بدل الكل من الكل، وتكون في بدل البعض من الكل إلا بدل المضمر من المضمر، والمضمر من الظاهر، ومثاله {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}⁣[الأعراف: ٧٥]، وبدل الاشتمال مثل (نفعني عبد الله علمه) والفرق بين (بدل البعض من الكل وبدل الاشتمال أن أكثر ما يكون