الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

أقسام البدل وأحكامه

صفحة 449 - الجزء 1

  موصوفة، كما في قوله تعالى {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ١٥ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ١٦}⁣[العلق: ١٥ - ١٦]، وإنما أو جبوا ذلك؛ لأن الثاني في البدل هو المقصود كما حققناه، فكرهوا أن يكون المقصود ناقصاً في الدلالة عن غير المقصود، والنكرة ناقصة في الإفادة عن المعرفة، فأما إذا كانت موصوفة فقد كملت إفادتها بالصفة، فلهذا سوغوها كما ورد في التنزيل.

  وثانيها: أنهم لم يبدلوا ظاهراً من مضمر بدل الكل من الكل إلا من الغائب، فقالوا (ضربته أخاك) ولم يقولوا (ضربتك أخاه ولا ضربتك زيدا)، وإنما فعلوا ذلك لأن الثاني في البدل هو المقصود وضمير المتكلم والمخاطب أقوى وأخص في الدلالة من الظاهر فلم يسوغوا ذلك في ضمير المتكلم والمخاطب لأنه يلزم أن يكون حكم المقصود أضعف في الدلالة من غير المقصود، وإنما سوغوا ذلك في الضمير الغائب لما لم يكن في القوة والظهور كضمير المتكلم والمخاطب.

  وثالثها: أنهم سوغوا إبدال الظاهر من ضمير المتكلم والمخاطب في بدل البعض وبدل الاشتمال وبدل الغلط، فقالوا (اشتريتك نصفك)، (واشتريتني نصفي)، هذا في بدل البعض، وتقول في بدل الاشتمال (أعجني علمك، وأعجبتك علمي)، وتقول في بدل الغلط (ضربتك الحمار، وضربتني الحمار) وإنما جاز ذلك لأنا إنما منعنا ذلك في بدل الكل من الكل لما كان مدلول الأول هو مدلول الثاني فكان يلزم أن يكون المقصود أضعف دلالة من غير المقصود، وأما هذه الأبدال الثلاثة فليس المدلول فيها هو المدلول الثاني حتى يلزم ما ذكر بل قد أفاد فائدة أخرى فلهذا سوغوه، والظاهر من كلام النحاة المنع من البدل في ضمير المتكلم والمخاطب على الإطلاق وهو ظاهر إطلاق المفصل للزمخشري وليس بجيد لما ذكرناه.

  ورابعها: أن بدل البعض من الكل يجوز دخوله في بدل المضمر من المضمر مثل قولك (يد زيد قطعته إياها) وفي بدل المضمر من الظاهر كقولك (اليد قطعت زيداً إياها)، فهذان الضميران يدلان مما قبلهما بدل البعض من