الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

تقسيم علم الكتابة

صفحة 460 - الجزء 1

  وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ٣ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ٤ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ٥}⁣[العلق] فخصه بالذكر تعظيماً لشأنه ثم عقب ذلك بذكر المنة بتعليم القلم في معرض المدح، وهذا يدل على نهاية فضلها، وعظم المنة، فسبحان من لا تحصى نعمه بعد ولا تحصر بحد، وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها.

  وأما الموضع الثالث: وهو الكلام في تقسيم علم الكتابة، فاعلم أن للخط والكتابة أحكاماً كثيرة، وفيه تقسيمات منتشرة، والخوض فيها طويل ولكنا نشير هاهنا إلى مالا بدمنه، وهو تقسيمه باعتبار طريقة (المصاحف خوفاً من الإطالة)، وهو على نوعين سماعي متبع، وقياسي مخترع.

  فالنوع الأول: هو التغييرات المتعلقة بالمصحف وهذا كحذفهم الهمزة من (بسم الله) والألف من اسم الجلالة والألف من الرحمن، ونحو كتبهم ألف (الصلوة، والزكوة، والحيوة) بالواو للتفخيم ونحو حذفهم الياء الأصلية في نحو الكبير المتعال، ويوم التناد، ونحو حذف الياء التي للإضافة، في مثل (نكير ونذير وحق وعيد) وهكذا حذف الياء التي للمفعول في مثل {رَبِّي أَكْرَمَنِ ١٥}⁣[الفجر] و {أَهَانَنِ ١٦}⁣[الفجر] فإن مثل هذا وأشباهه يجب اتباعه ويكتب على ما هو مكتوب من غير تغيير ولا تحريف، سواء كان وافقاً للأقيسة النحوية. أو مخالفاً لها. لأن هذا أمر قد صار مجمعاً عليه، فلا يجوز العدول عنه بحال.

  النوع الثاني: قياسي مخترع (وهو ضروب ثلاثة:

  فالضرب الأول: منها اصطلاح الكتاب، فإن لهم في الكتابة اصطلاحات تليق بحروف أبي جاد في النقط والشكل للتفرقة بين ملتبسات الحروف المتماثلة في الصورة ونحو زيادة أحرف للتفرقة، كزيادة واو عمرو للتفرقة بينه وبين عُمَر وغير ذلك، وقد أفرد المبرد في ذلك كتاباً سماه القلم والخط ضمنه شرحها. الضرب الثاني: ما يتعلق بعلم القوافي في اصطلاح العروضيين، فإن لهم اصطلاحاً خاصاً، يتعلق بتسوية البحور الشعرية، وعمدتها أنهم يثبتون في الخط ما ثبت في اللفظ من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير كما تضمنته كتب العروض.

  الضرب الثالث: ما يقتضيه أصول النحو وأقيسة التصريف من القلب في مثل (دعا ورمى، وعصا وفتى وكسا ورداء)، والحذف في مثل (قلت، وقلن، بعت،