أبواب علم العربية
  تلك الأصول على مجاريها ومراعاة أحوالها وكيفياتها، فمن أحرز الأصول، واستعملها على وجوهها فقد أكمل المقصود وحصل على الغرض من الفوائد ومن أخل بشيء من هذين الأمرين كان على قدر إخلاله ينخرم مقصوده.
  وأما الموضع الثالث: وهو في حقيقة الكلمة والكلام وأعلم أن الشيخ قد أغفل ذكر هذين الأمرين في كل مصنفاته، وليس له عذر يعذر به، بل هو غفلة لوجهين.
  أحدهما: أنه لا غنى ممن خاض في علم العربية من معرفة حقيقة الكلمة والكلام. لأنهما أول قدم يخطو به إلى معرفة مفردات الألفاظ من الاسم والفعل والحرف ومركباتها، فلا يسع إغفال ذكرهما.
  وثانيهما: أن الحاجة كما تدعو إلى معرفة حقيقة الاسم والفعل والحرف فهي بعينها داعية إلى معرفة حقيقة الكلمة والكلام، لأن الاسم والفعل أحد أجزاء الكلمة، فإذا كان لابد من معرفة الجزء، فمعرفة الكل أولى وأحق. فإذا عرفت هذا، فنقول: أما الكلمة ففيها مسألتان:
  المسألة الأولى: في ذكر معناها. وحقيقة الكلمة (لفظ وضع لمعنى مفرد) فقولنا: (لفظ) (يشتمل الكلمة وغيرها) لأن اللفظ موضوع لكل ما يتلفظ به سواء وضع لمعنى أم لا وقولنا (وضع) احتراز عن المهملات، فإنها ملفوظ بها ولكنها غير موضوعة لإفادة معنى، كقولنا كادث ومادث وديز في مقلوب زيد، وقولنا: (مفرد) احتراز عن المركب المتعدد لفظا كقولنا: قام زيد، وزيد قائم، وعن المركب المتعدد معنى كقولنا: قم، اضرب فإنه لفظ وضع لمعنى، ولكنه مركب لوجود التركيب لفظاً في الأول ومعنى في الثاني، فلولا إخراجه بقولنا: مفرد لدخل في الكلام، وهما حقيقتان مختلفتان.
  المسألة الثانية: في ذكر أنواع الكلمة وحصرها.
  أما أنواعها فثلاثة: (اسم وفعل وحرف).
  وأما حصرها فيها:
  فنقول: الكلمة إذا دلت على معنى، فذلك المعنى لا يخلو إما أن يدل عليه في نفسها أو لا في نفسها. فإن كان في غيرها فهو الحرف، وإن كان في نفسها فلا يخلو