الضمير المنفصل
  وأما ثانياً: فلان في بعض أوضاعه ما يشبه الحرف في وضعه ذلك، فبن كبنائه كالكاف في (ضربك)، والتاء في ضربت فأشبه في ذلك الحروف كاللام والتاء فبنيت كبنائها ثم حملت سائر الأسماء المضمرة عليها.
  أما الأمر الثاني: وهو الكلام في قسمة المضمرات فاعلم أنها منقسمة باعتبارات ثلاثة.
  أولها: باعتبارات من وضعت له إلى متكلم (كأنا، ونحن) وإلى مخاطب (كأنت، وأنتما) وإلى غائب (كهي، وهما، وهم)
  وثانيهما باعتبار الاستقلال وعدمه إلى متصل ومنفصل، فالمنفصل ما كان مستقلاً بنفسه (كأنا ونحن) والمتصل ما لم يستقل بنفسه (كضربت غلامك).
  وثالثها: باعتبار إعرابها إلى مرفوع ومنصوب ومجرور. فالمرفوع متصل ومنفصل والمنصوب متصل ومنفصل والمجرور متصل، فصارت خمسة أنواع؛ لأنها إذا كانت ثلاثة انقسم منها قسمان كل واحد منهما إلى اثنين فوجب أن تكون خمسة فإذا عرفت هذا فنقول: هذا النوع قد اشتمل على موضع ثلاثة: الأول: في ذكر مراتبه، والثاني: في حكم الضمير المنفصل. إذا وقع فصلاً بين معرفتين، والثالث: في حكمه إذا كان ضمير الشأن والقصة.
  أما الموضع الأول: وهو في ذكر مراتبه؛ فله ثلاث مراتب:
  الأولى منها للمتكلم وهي ضميران (أنا، ونحن)
  الثانية: للمخاطب وهي خمسة (أنت، وأنت، وأنتما، وأنتم، وأنتن)
  الثالثة: للغائب وهي خمسة أيضاً (هو، هي، هما، هم، هن)
  فهذه ضمائر الرفع المنفصل - كما ترى - اثنا عشر، كل واحد منها نص في معنى بانفراده إلا اثنين منها فإنها مشتركان وهما (أنتما، وهما) فإنها موضوعان للدلالة على المذكر والمؤنث بالاشتراك بخلاف سائرها، ثم الأقوى في هذه الضمائر أنها موضوعه للدلالة على معانيها الموضوعة من أجلها، (فأنا) موضوع للواحد المتكلم (وأنت) للمخاطب، (وهو) للغائب، وهكذا سائرها من غير أن يقال إن فيها زيادة أصلاً، فهذه لا دليل عليه، بل صيغت على هذه الصيغة دلالة على