الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

ضمائر الجر المتصلة

صفحة 212 - الجزء 1

  والثاني في ذكر متعلق الحرف وحكم حركته.

  فأما الموضع الأول: وهو في ذكر مراتبه وكونه لم يقع قط إلا متصلاً اثنا وهي عشر كما تقدم، اثنان منها للمتكلم وهي (عملي لي، وعملنا لنا) وخمسة منها للمخاطب (عملُكَ لكَ، عملك، لك، عُملكما لكُما، عملكم لكم، عملكن لكن) وخمسة للغائب وهي (عمله له، عملها لها، عملهما لهما، عملهم لهم عملهن لهن) كلها نصوص كما ترى إلا اثنين منها وهما (عملكما، لكما عملهما لهما) فهما مشتركان بين المذكر والمؤنث.

  وأما كونه لم يقع قط إلا متصلاً، فاعلم أن هذا النوع إنما وجب أن يكون متصلاً لأنه مجرور الموضع، والجر لا يكون إلا بأحد وجهين إما بالإضافة أو بحرف الجر والاسم المضاف يجب اتصاله بمضافه، وحرف الجر يجب اتصاله بمجروره.

  وتلك الوجوه التي ذكرناها في وجوب انفصال الضمائر فيتعذر حصولها في المجرور بالإضافة وحرف الجر، فلهذا لم يقع قط إلا متصلاً بخلاف ضمير المرفوع والمنصوب. فإنه منقسم إلى المتصل والمنفصل كما قررناه.

  وأما الموضع الثاني: وهو في ذكر متعلق الحرف وحكم حركته. أما متعلق الحرف فاعلم أن حروف الجر في تعلقها على ثلاثة أوجه.

  (أولها: أن يكون متعلقه بأمور موجودة، وهذا هو الأكثر في الكلام من نحو (مررت بزيد) و (سرت في الطريق) فهذا الحرف متعلق بموجود كما ترى.

  وثانيها: أن يكون متعلقه بمحذوف وهذا يكون إذا وقع الحرف خبراً لمبتدأ أو صفة لموصوف أو صلة أو حالاً لذي حال)، كقولنا (زيد في الدار) و (أعجبني رجل في الدار) و (الذي في الدار أعجبني) و (هذا زيد في الدار)

  فهو في هذه الأشياء متعلق بمحذوف كما ذكرنا.

  وثالثها: أن يكون متعلقاً في حكم الموجود، وذلك نحو () وإنما كان هذا في حكم الموجود، لأنه لا شيء من الأفعال ملفوظ به، فيقال: إنه متعلق بمحذوف، فلم يبق إلا أن يقال: إنه متعلق بما هو في حكم الموجود، وإنما ساغ طرحه لكثرة الاستعمال. فلهذا قال الشيخ: فاعرف الفرق بين قولك عملت لك، والعمل لك، ومعناه أن قولك، عملت لك، وقع في موضع المفعول للفعل المذكور فكان متعلقاً بموجوده، وقولك: العمل لك وقع في موضع خبر المبتدأ فكان متعلقاً