الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

(ما) التي تعمل عمل ليس

صفحة 330 - الجزء 1

  الحكم الثالث: المنادى إنه ربما حذف في مثل قولك (يابؤس لزيد) والمعنى يا قوم بؤس لزيد، وفي التنزيل {أَلَّا يا يَسْجُدُوا}⁣[النمل: ٢٥](⁣١) وقوله تعالى {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}⁣[يس: ٣٠]. وأنشد النحاة:

  يا لعنة الله والأقوام كلهم ... والصالحين على سمعان من جار

  وإنما ساغ طرح المنادى لأنه في موضع المفعول، والمفعول فضلة فجاز طرحه.

  (قال الشيخ: ومنها (ما) هي حرف ترفع الاسم وتنصب الخبر في النفي عند أهل الحجاز ومادام خبرها متأخرا بعد اسمها، لم يتقدم هو ولا معموله، ولم تدخل عليه إلا ولا إن، وذلك قولك ما زيد قائما، وما هذا بشرا، وترفع في لغة بني تميم على كل حال).

  قال السيد الإمام:

  اعلم أن هذا الحرف فيه لغتان أحدهما لغة بني تميم، وهو رفع الاسمين بعدها على الابتداء والخبر، ويجعلونها حرفا من حروف الابتداء فيقولون (ما زيد قائم).

  وثانيها: لغة أهل الحجاز يرفعون بها الاسم، وينصبون الخبر كـ (ليس) فيقولون (ما زيد قائماً) قال الله تعالى {مَا هَذَا بَشَرًا}⁣[يوسف: ٣١] وبني تميم يقرؤن (ما هذا بشر) بالرفع إلا من درى كيف هي في المصحف. فإذا عرفت هذا فاعلم أن الكلام في (ما) إنما يتعلق بلغة أهل الحجاز لأجل العمل، وأما لغة بني تميم، فلا كلام فيها، ويتعلق بها على لغة الحجازيين فائدتان.

  الفائدة الأولى: في عملها والوجه الذي لأجله عملت، أما عملها فهو رفع الاسم، ونصب الخبر كعمل ليس وأما وجه المشابهة بينها وبين ليس فهي بأمور ثلاثة: أولها: أنهما موضوعان للنفي، وأنهما كلاهما لنفي الحال. وثانيهما: أنهما جميعاً من


(١) على قراءة الزهري والكسائي. انظر فتح القدير (٤/ ١٣٣).