الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الاعراب،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

النوع الخامس: في أسماء الأفعال

صفحة 418 - الجزء 1

  المرتبة الثالثة: أن يكون عاملاً في الظاهر الرفع وإنما يكون ذلك بشرطين:

  أحدهما: أن يتعذر رفعه على الابتداء والخبر، والثاني: أن يكون في موضع تقوي فيه دلالة الفعل، ويكون فيه بمنزلته، فإذا حصل هذان الشرطان وجب أن يكون رافعاً للظاهر عاملاً فيه عمل الفعل تقول (ما رأيت رجلاً أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد)، فارتفاع الكحل إنما هو على أنه فاعل لأحسن لأنك لو رفعته على الابتداء والخبر كنت فاصلاً بين أفعل ومعموله الذي هو (منه) بالأجنبي وهو الكحل ولأن أحسن في هذه الصورة له دلالة قوية على الفعل لأنه في معنى يحسن، فلهذا كان عاملاً في الظاهر كما ذكرناه، وهكذا الكلام في قولنا (ما من أيام أحب إلى الله فيه الصومُ منه في عشرة ذي الحجة) فالصوم هاهنا مرفوع بأحب لما حققناه من اجتماع الشرطين، فما اجتمع فيه هذان الشرطان وجب أن يكون عاملاً في الظاهر الرفع حيث وقع، واعلم أن النحاة يطلقون في كثير من المواضع في كتبهم أن أفعل لا يجوز أن يكون رافعاً للظاهر، وليس الأمر كما زعموا، بل هو كما فصلناه، وحاصله راجع إلى أن كل موضع تعذر فيه رفع الظاهر على الابتداء وقويت دلالة أفعل على الفعل فإنه يجب أن يكون رافعاً للظاهر كما ذكرناه في الأمثلة السابقة وفيه كلام دقيق لا يليق بمقاصد هذا الكتاب.

النوع الخامس: في أسماء الأفعال

  اعلم أنا قدمنا كلاماً وجيزاً مقنعاً في حقائق القول في أسماء الأفعال وتقسيمها، وذكرنا طرفاً من أحكامها، والذي نذكره في هذا الموضع ما يختص بجانب العمل، وينحصر مقصودنا منها في ثلاث فوائد: الفائدة الأولى: فيما يقتضي العمل من أسماء الأفعال، لأن حروف الفعل فيه موجودة، وذلك نحو قولك (نزال زيدا) أي انزله (وتراكها ومناعها) أي اتركها وامنعها، و (بقاء فلاناً) أي أبقه، و (الزام زيداً) أي ألزمه، وغير ذلك مما تكون حروف