مقدمة المؤلف
مقدمة المؤلف
  الحمد الله الذي أنزل القرآن مفصحاً بفضل علم الإعراب، وضمنه لطائف معانيه البديعة، وأودعه منه أسرار الإعجاز، وجعله سبباً إلى مغاصات درره، وإبراز مكنونه، ووصلة وذريعة إلى تحصيل أبكاره وعونه، فلا مطمع لنيل تلك الأسرار إلا لمعرب، ولاحظ في إدراكها إلا لمتأدب وهو الآخذ بذمامها، المدعو بإمامها، الكافل بإظهار محاسنها، الموكل بإثارة معادنها.
  والصلاة على من خُص بدلائل الإعجاز، وحَظِيَ بجوامع الكلم وبوالغ الإيجاز، المبعوث بالتنزيل والأحكام والخاتم لما سبق بالتكميل والإتمام، وعلى آله الطيبين.
  أما بعد: فإني رأيت أكثر من تعلق بعلم العربية من أهل زماننا هذا محلقين على كتب الشيخ طاهر بن أحمد بالدرس ومنكبين عليها بالمطالعة، حتى لا يكاد يظهر لأحد منهم فضل في علم العربية ولا يرتفع له فائدة إلا بقراءتها وتحصيلها، وكان أحسن مصنفاته فيها المقدمة وشرحها، لأن كلامه في غيرهما طويل منثور يكاد يصعب ضبطه ويعسر حفظه خلا أن شرح المقدمة طريد عن العقود بعيد عن الترتيب اللائق بالتقريب لأفهام المبتدئين فرأيت بعد استخارة الله تعالى أن أملي عليها مذاكرة.
  أصرف فيها العناية إلى التقريب والتهذيب فأعقد كل فصل منها عقداً يجمع أوابد المعاني، ويضبط متفرقات الفوائد، لأن المسائل إذا عقدت انضبطت، وإذا رتبت انحصرت ونزلت العقود على وضع المقدمة.
  وقصدت في ذلك وجه الله تعالى، ولم آل جهداً في التقريب والتسهيل، وأسلست القياد في هجران الألفاظ الوحشية الغريبة، وبعدت عن إيراد المسائل الدقيقة رغبه في إفادة مبتدئ وتقريباً لخاطر مسترشد، والله تعالى الموفق لحسن القصد فيه والمعين على إتمامه بمنه وطوله.
  (قال الشيخ أبو الحسن طاهر بن أحمد: النحو علم مستنبط بالقياس والاستقراء من كتاب الله تعالى والكلام الفصيح والغرض به معرفة صواب الكلام من خطئه،